الأربعاء، ١ يونيو ٢٠١١

وسقط الامبراطور الطاغية

وسقط الامبراطور الطاغية

لم يكن يتخيل العالم برهة ان ذلك الحاكم الطاغية سوف يسقط سقوط المهانة الكبرى التى سيشهد لها التاريخ و يكون درساً قاسياً لمن تؤول له لنفسه ان يحكم كالسيد المتغطرس .. الذى لا يرد أن ينصت او يسمع او حتى يومئ برأسه لك ايجاباً او سلباً..

لم يكن يتوقع العالم ولو للحظة ، ولا حتى الثوار ولا حتى الخبراء والمحللين و كبار القادة السياسيين أن ذلك الحاكم القاسى سوف يسقط أمام صمود الملايين من المصريين .. بعزيمة وايمان الأحرار الذين قد سئمواً سم الكلام المعسول .. وامام دماء الشهداء التى روت الأرض الغالية تصرخ و تقول "انتقموا لنا و لدمائنا .. "

لقد أسقط المصريين النظام .. نعم لقد سقط الظلم والمهانة وصرخوا بصوت واحد وشريف "سلمية..سلمية " ووقفوا امام الفساد صارخين "ارحل .. ارحل "..

ولكنه لم يدرك شعبه ولا مطالبه ، بل ذهب يستجم فى غرفته وترك مقاليد الأمور لمن هو تحته الذين يعلمون جيداً كيف يتعاملون مع ( شوية العيال بتوع النت ) ، فهم (شوية عيال) – كما ظن – لا يستطيعوا أن يتحملوا ثقل القنابل المسيلة والرصاص المطاطى .. ولا يستطيع هؤلاء الصمود امام رشاشات المياة فى الأجواء الباردة .

لقد ظن أن الشعب المصرى دائماً تربى (بالضرب على قفاه ) .. فأخذ يرهب و يرهب الناس بالتصريحات الصحفية المهينة و بالتعزيزات الأمنية المشددة و بالتهديدات المتكبرة (لسنا مثل تونس ) حتى تشعر انك تسمع من وراءها ضحكة الاستعلاء والاستكبار .. فوجد أمامه الآلاف يصرخون فى وجهه (لا .. لا للفساد ) ، وبالرغم من اعلان ميعاد الثورة لم يراجع اوراقه ابداً ولم يطلب حتى ان يعرف من ابناؤه – كما ادعى – ماذا تريدون او يفتح معهم مائدة الحوار .. فهم ليسوا آهلون لذلك .. بل قال له بكل غطرسة الحاكم الطاغية (اذهب الى البيت يا بابا ... وان لم تذهب بكرامتك فأنا اعرف كيف تذهب رغم أنفك ) ولم يكن يتخيل انه بهذا يثير قلب المصرى الشريف الذى لا يابى شئ سوى ان يعبث آخر بكرامته و يقهره .. وانه فتح على نفسه بابا من جهنم لم يدرك مصيره سوى الآن .

لقد علت الآهات ودوت فى أرجاء الصحافة والتوك شو (كفى هذا الفساد ..) ولكنه أخذ يسد أذنيه لرعيته ، او حتى لم يهتم أن يعلم حقيقة الأمور فزرع حصاده الفاسد و نال بئس المصير وصار رئيساً مخلوعاً بعد ان سئمنا الهتاف بانجازاته المكذوبة - وان كان وجبت عليه بعضا- طيلة ال 30 عاماً السابقة.

ان ما حدث فى مصر لأسمى درس لكل من يحسب نفسه أنه اباً روحياً يامر و ينهى ويفعل ما يشاء ويفكر كا يشاء و ينفذ كما يشاء.. بل ليعلم كا حاكمٍ قادم – وكل قادة العالم – أنك انت فى خدمة المواطن وليس الضد وانك انت الذى تسعى لارضاؤهم وهم ليسوا عبيداً لك .. فأنت لست الهاً تامر ونقول ( قدر الرئيس وما شاء فعل) .. او( لتكن مشيئتك ) بل لتعلم انك مسئول عن كل رعية تحتك واحذر بكاء الطفل لربما يلقيك فى الغد خارجاً ..

والآن يا مصر نحتفل .. فالآن أرفع رأسى عالياً و أقولها بفخرٍ امام أبنائى و أجيالى من بعدى .. لتعش حراً او تموت كريماً .. ولا طعم لحياة يشوبها سم الهوان ..

الآن يا مصر نحتفل .. فقد عادت كرامة المصرى المسلوبة .. الآن فقط فهم المصرى سياسة بحق .. الآن فهم ان صوته مؤثر .. الآن فهم و أدرك ان دوره فى بناء مصر هو الآن .. الآن يسير وهو شاعر انه مسئول فى هذه البلد .. وانه –فى يوم من الأيام – أسقط الهوان بصوته وبصراخه فقط ..

ما أروع ذلك الشعور .. فانا أشعر اننى كنت بحق محتل من قبل أجانب وليسوا مصريين ..

فقد كنت أشعر اننى فى غربة فى تلك البلد .. فالصحف القومية تتكلم عن حال المصرى المنتعش ونبل و شرف اللصوص والتلفزيون المصرى المضلل يتهمنى بالعمالة والخيانة اذا صرخت فى وجه الظالم وعجباً على القنوات الأجنبية التى تصفنى بالوطنية والشجاعة .. لقد كنا مقيدين والآن انكسر القيد .. ونتنفس الصعداء وتنفك سجون الظلم وتتحطم المتاريس وتنفتح الابواب ويخرج الطير مغرداً وتشيع السماء بالفرحة وتُسمع الأغانى ويهتف الشعب معاً بكل طوائفه يداً بيد " عاشت مصر حرة " .. و استرجع كلمات الشابى فى تلك اللحظة الغالية ..

"اذا الشعب يوماً أراد الحياة .. فلابد أن يستجيب القدر "

أندرو أشرف

13/2/2011 الساعة 4:38 ص

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق