الأحد، ٢ ديسمبر ٢٠١٢

العروس الرمادى !


لا تدعى الطهارة .. فهى رجسة باثرها ..ليست عذراء وليست بكرا .. بل عاهرة من 
يومها ..
كل من ادعى زواجها ..هو ليس صاحب مبدأ .. فهو يعلم انها عاهرة منذ ولادتها.. فهى ولم تكن ابدا .. عذراء .
انها تلك التى يسعى اليها الآن كل عاشق للنفوذ .. انها السياسة القذرة .. التى – ولم تكن ابدا – بكراً .. وعجبا على هؤلاء الأبكار الذين يودون زواجها .. انهم كالسذج الذين يعمون اعينهم عن دعارتها .. وعندما تعترى وتنكشف امام الجميع .. تحمر أوجههم بالخزى والعار.

يدفعون فيها اغلى الأمهار .. يستعرضون عضلاتهم .. ويغازلونها بأشهى الكلمات .. يرفضون النفاق وتذوير العقول .. يرفضون الوفاق والاتحاد مع الفلول .. انهم انقياء القلوب .. يحملون على اعناقهم امانة .. واي امانة .. دماء شهداء – عيش – عدالة – كرامة .. ولكن مع من .. وكيف .. ليس الا عن طريقها .. لابد من زواجها .. لابد من الالتصاق بها .. فهى تحمل شعارات الخير والعدالة والامانة .. ولكنها من الداخل .. عاهرة ..فهى لن ترتدى الفستان الأبيض حتى فى ثوب فرحها ..ولن ترتدى الفستان الأسود حتى لا يهرب منها (العرسان) .. ولكنها ترتدى الرمادى .. فهى لا تعلم سواه .. بل ولونها المحبذ لها .. اتريد زواجها؟!! .. فلتحضر لها ذلك الفستان .. الرمادى .. بل وتصير مثلها !

عجبا على هؤلاء الذين يدعون الطهارة للتقدم لها .. وهم أنفسهم حينما خلعوا رئيسا .. توحدوا مع الجميع ضده .. لقد ادعى الليبرالى وحدته بالسلفى من اجل الاطاحة به .. لقد امسك الاشتراكى يديه بالاخوانى من اجل خلعه .. والآن .. حينما يجلس مرسى على المقعد .. يهزأون بمن يناهضونه .." انك تتحد مع الفلول !! " .
نعم ، اتحد مع الفلول ضدك .. لقد وضعتنى فى مأزق .. وكأنى أقود سيارة و أمامى طريقان .. نائم على احدهم خمسة .. وواحدا فقط على الآخر .. ولقد حسبت زمان توقيفى للسيارة فوجدت اننى لا بد ان اختار أحدهما ليموت .. فمن ستختار .. الخمسة ام الواحد ؟؟
بالطبع الواحد .. لقد حكمت عليك الظروف بذلك .. لم يكن ذنبك .. ولكن امامك خيارا لتختار اخف الضررين ..
لقد ندمت اليوم من بطلان تصويتى .. لن يذكر تاريخى اننى ابطلت صوتى من اجل حفظ ثيابى طاهرة .. ولكنه سيذكر عارى عندما اخترت اسوأ الخيارين .. مرسى .. نعم .. فبطلانى لصوتى شدد ساعده .. وكأنى تراجعت عن امالة عجلة القيادة لقتل الواحد .. فقتلت الخمسة .. بيدى !
ليس هناك أبيض و أسود فى السياسة .. ولكن النفع الأكبر للناس ربما يكون أكثر صحة ولكنه ليس الأصح .. انها عملية فلسفية معقدة ..
أعلم ان ضميرك يحاربنى .. كيف .. كيف أتحد بمن قتل ابى و امى ؟؟؟ للأسف يا سيدى .. ان لم تتحد مع من قتل ابيك و أمك سيفوز من سيقتلك انت و اخيك و أختك و ابنك و ابنتك .. باسم الدين .. أتظن ذلك أفضل ؟؟!!
لا يضحكون عليك .. ولا تجعلهم يطعنون فى شرفك حينما تتحد مع أقدم الأعداء .. فهم أول ناس تزوجوها .. وارتضوا بالعيش معها فى زناها ..
لا تتدعى الطهارة .. ولا تدعى البكورية .. طالما ارتضيت بزواجها .. فهى ليست عذراء .. وترفض كل بكرٍ .. ولا تعلم خطأ أو صواب  .. لأنها رمادية اللون .. ومن ارتضى زواجها .. فليصير مثلها .. رمااااااااااااااااااااااادى ...


الاثنين، ١٦ أبريل ٢٠١٢

لن انزل 20 ابريل !



لم افاجأ بما حدث فى جلسة مجلس الشعب عندما توافق الأعضاء الاسلاميين حول ضرورة نزح عمر سليمان من الساحة السياسية لانه يمثل خطرا كبيرا على اهداف الثورة ( كما ادعوا ) .. ويمثل عودة صارخة للنظام القديم الذى تم اسقاطه .!!
والآن اتساءل وبشدة .. أين كان هؤلاء عندما جلس الاخوان مع عمر سليمان وتفاوضوا معه أثناء مظاهرات 25 يناير ؟؟ 
ولماذا صمتوا طوال الوقت الماضى ولم يخافوا على الثورة وقتئذ ولم يقدم أحدهم بلاغا للنائب العام بموجب قضايا الفساد والقتل التى تورط فيها سليمان المساعد الأول لرأس النظام السابق والذى اعلن وبقوة عن جهل الشعب المصرى وعدم استحقاقه للديموقراطية ؟؟
هل كان هذا خشية من غضب المجلس العسكرى الذى كان يقاسمه السلطة و  الوقت حان الآن للتصدى بقوة لمن ينتزع التورتة بأكملها منهم ؟؟؟
ان هذا الأمر لا يعنى سوى ان الاسلاميين على استعداد تام بالصمت ضد جرائم القتل والفساد والظلم .. بل حتى والجلوس مع من اجرم فى حق الوطن على مائدة واحدة فى حالة توافق ذلك مع مصالحهم السياسية .. والسير وراء أجنداتهم الخاصة التى اتهموا كل من ثار للحق بامتلاكها ..
هل الآن نسمع من الاسلاميين الحديث عن الثورة وشرعيتها بعدما أسقطوا شرعيتها ب"نعم" التى تدخل الجنة ووافقتم على الاعلان الدستورى المقيت الذى بسببه تجلسون على مقاعد البرلمان !!
ام انكم تعرجون على عكازى الثورة والشرعية .. ومتى كانت مصلحتكم تتحركون بالعكاز المناسب ..!
أنتم آخر من يتحدث عن الشرعية الثورية .. بعدما أعلنتم تأييدكم الكامل للمجلس العسكرى واستحواذكم الكامل على مقاعد التأسيسية دون التفات لآراء الشارع بدستور لكل المواطنين متجاهلين الأزهر والكنيسة والفقهاء الدستوريين ومكتفيين بالنسبة الطاغية لكم؟؟
انتم آخر من يتحدث عن الشرعية الثورية بعدما رفضتم نداءات الشارع المصرى بعزل الفلول من مباشرة حقوقهم السياسسية خوفا من الصدام مع المجلس والآن نستمعكم تتحدثون عن عزل الفول .. بعد ماذا؟؟؟
تقترفون نفس خطأ الرئيس المخلوع عندما عدل المادة 76 كى تتوافق مع ابنه جمال .. وقانون مكافحة الممارسات الاحتكارية عندما عُدل خدمة لأحمد عز ..والأن تفصلون قانونا خاصا لعزل أشخاص بعينهم مخالفة للاعلان الدستورى والذى ينص على المادة 28 التى تعدد شروط الترشح للرئاسة ولم تتضمن منهم العمل مع النظام القديم .. وبهذا فقوانينكم وتشريعاتكم تفرضوها على الساحة بموجب مصالحكم الشخصية وتلعنون وتسبون فى الثوار .. والآن تنتظرونا لمشاركتنا يوم 20 ابريل القادمّ!! ..  كلا ..!!
بما انكم وافقتم على اعتلاء الكرسى من منطلق الاعلان فلا تتفوهوا بالحديث عن الثورة او شرعيتها .. لان الثورة تقتضى ان تذهبوا انتم اولا قبل سليمان وغيره وتعلنون رفضكم الكامل للاعلان الدستورى المقدس وتذهبون بحقائبكم وتتركون البرلمان وتنضموا لساحة التحرير يا من خدعتم جموع المصريين بالموافقة على المجلس وخططته مقابل الاستحواذ بالبرلمان والتأسيسية ثم الرئاسة .. لذلك أعلن وبشدة ..
انسحابى من جمعة 20 ابريل .. لأننى لن امسك بيد يكتاتورا فى وجه ديكتاتورا آخر وتأييدى لانقلاب عن الشرعية الدستورية هو بداية لاى انقلاب آخر وتعزيز لأى اقصاء سياسى تودون فعله بقوة ديكتاتورية الأغلبية ... واعلن بكل قوة تأييدى لترشح عمر سليمان ولكنى سأدفنه بيدى بصندوق الانتخابات .. وسأضعه فى الصندوق الأبيض سياسيا .. بدلا من الصندوق الاسود الذى يخيفنا به ! هذا ان توافق الشعب على الشرعية الدستورية .. اما فى حالة تعزيز للشرعية الثورية .. فهناك قولا آخر ..
فكل من وافق على جرائم عمر سليمان وامثاله ولم يتحدث الا عندما خاف على نفسه .. وكل من باع الثورة فى سبيل اجندات شخصية .. وكل من سعى للانقلاب على الشرعية الدستورية (التى اعلن تأييدها بحياته ) هو ابو الفلول .. ولن اقف مع فلولٍ ضد فلولٍ .. والا صرت منهم !



السبت، ٧ أبريل ٢٠١٢

عكاشة والــ"28"

عكاشة والــ"28"
وازدادت المراهنات .. وكل يوم نستمع الى جديد فى سباق المرشحين ، فولان خرج بسبب جنسية والدته ، وفولان تنازل من اجل فولان ، وفولان انسحب تماما ، ثم فولان يعود .. وكأن كروت اللعب للمجلس العسكرى يظهر واحد تلو الآخر لجس نبض الشعب المصرى من توجهاته وميوله .. ومن المعروف ان امامنا ثلاثة تيارات فى الشارع السياسى :
التيار الأول هو التيار الاسلامى بزعامة الاخوان والسلفيين وكل منهم له مرشحه الخاص وكل منهم له برنامجه .. وعلى الرغم من حالة الاستقطاب بينهم الا انهم يتفقون سويا على المشروع الاسلامى ..
التيار الثانى هو التيار اليسارى : وهم اليساريين والليبراليين و الاشتراكيين و الناصريين و ينضم اليهم العديد من الحركات اشهرهم 6 ابريل والأحزاب المدنية و يميل اليهم عدد لا بئس به من الاقباط ..
التيار الثالث هو التيار العكاشى : وهو التيار الذى شاهد الثورة منذ بدايتها الى نهايتها واغلبهم لم يشارك فيها ومنهم من شارك حتى تنحى مبارك فقط .. ولا يجد حرجا سوى فى شتم الثوار والثائرون و سب التظاهرات .. لا ينظر سوى لقمة العيش ولا يهمه سوى الراتب اليومى والاستقرار ، ومن كثرة ما شاهده يؤمن و بشدة ان هذه البلد لا يستطيع ان يحكمها سوى جلاد آخر .. لان سبب ما يحياه من فوضى – فى نظره – ميدان التحرير والبلطجية المقيمين فيه ..
ومن المعروف أن المجلس العسكرى لديه 3 خطوط حمراء لا يريد أحد ان يمسها :
1 – ميزانية الجيش .. فليس لأحد ان ينظر اليها سوى المؤسسة العسكرية ، والمجلس العسكرى – من وجهة نظره – هو صاحب الحق الوحيد فى مراجعة هذه الميزانية ومعرفة تفاصيلها دون اعلان..
2 – المعونة العسكرية من واشنطن وهذا بموجب الاتفاقات والمعاهدات الدولية بين مصر واسرائيل بأن تتسلم مصر سنويا معونتها على هيئة اسلحة تتراوح قيمتها 1،3 مليار دولار
3 – قرار السلم والحرب .. وهذه النقطة تشكل له الخطورة الكاملة فى حالة اذا تسلم السلطة تيارا له اتجاهات عدائية مع الكيان الصهيونى بشكل عام ومع اسرائيل بشكل خاص .
ولأن التيارات الليبرالية اتجاهاتها تتجه للنقاط الثلاثة  وبالأخص الأولى والثانية .. والاسلامية تتجه اكثر للنقطة الثانية والثالثة .. فليس عليه سوى التحضير فى من يأمن له فى تسلم السلطة "المدنية" التى وعد بها ..
كان من المتوقع ان يكون هذا الشخص هو "عمرو موسى " ولكن نظرا لان عكاشة وحزب الكنبة لا يميلون اليه ويتطلعون الى جلاد آخر او "عسكرى " يحكم البلاد ..  فتم الدفع بأحمد شفيق فى مواجهة ابو اسماعيل (مرشح اسلامى الشارع)
 ولكن من الملاحظ ان ابو اسماعيل استطاع ان يستعرض قوته وبشدة واثبت شعبيته بجدارة فى زفة التوكيلات .. مما جعل الاخوان والعسكرى يخافان على السلطة من هذا الرجل .. فدفع الاخوان بالشاطر خشية من اقصاءهم سياسيا بعد تسليم السلطة سواء من العسكر او من السلفيين .. كما أن شفيق لم ينجح فى جذب المزاج السياسى العام لكثرة اخطاوءه السياسية وكثرة الهجوم المتواصل عليه ..


ولكن بعد موضوع جنسية والدة ام ابو اسماعيل .. اختلفت موازين القوى .. وتفكك الشارع الاسلامى الى صفين .. صف خون الاسلاميين بشكل عام وانضم الى التيار "العكاشى" بايمانه ان هذه البلد لا يصلح لها الا "عسكرى" وكلهم نفاقون وكذابون .. والصف الآخر بقى منه من هو متمسك ب "ابو اسماعيل " ومنهم من وجه نظره الى "الشاطر"  .. وفى تلك الأوقات حاول المجلس العسكرى بالقاء ورقة "عمر سليمان" باعلان اعتذاره عن ترشحه للرئاسة .. فنجد يومها دعوة عكاشة لتراجع سليمان عن موقفه على التلفزيون المصرى .. وتعاطف كثيرين معه خاصة ان سليمان لم يتكلم كثيرا ..اللهم الا فى حوارات على ال سى ان ان التى ربما لم يسمع عن اسمها حتى انصار عكاشة .. والتى كان من اهمها التصريحات الشهيرة بان هذا الشعب لا يعرف الديموقراطية وانه منقاد بالاسلاميين ..
عاد سليمان مرة أخرى وتنازل شفيق عن الرئاسة لصالحه مما قد أوضح الصورة لمعانا واضاف لها تأثيرات اخرى .. وهو ان العسكر لا يرغب فى التفتيت ولكن الاكتساح ..
المرشح التوافقى ينبغى ان يحصل على مباركة العسكر وواشنطن طرفى التوافق الأساسى .. وبما ان التيار العكاشى صار الآن كثيرا ..وبعد التأكد من حركته فى الشارع بعد دعوات توفيق عكاشة فى العباسية .. ومع وجود المادة 28 التى تنص على عدم جواز الطعن فى قرارت اللجنة العليا للانتخابات .. نستطيع ان نجزم ان سليمان فى طريقه الى سلم السلطة .. والرهان على عكاشة .. وال "28" .. وهذا ... اذا بقى الوضع كما هو عليه !

الثلاثاء، ٢٠ مارس ٢٠١٢

قبل أن تثور من أجل الانسانية ...!


فاجأنى خبر وفاة قداسته ولم اتخيل حجم المأساة الا حينما عاينت بنفسى جثمانه وهو راقد على كرسى مامرقس ، كم تذكرت القداسات التى انتظرها فى العيد من عام لآخر .. وتذكرت عظة الأربعاء التى اتشاغف لسماعها ، والكتب التى أقضى اوقاتى معها فى روحانية السماء .. تذكرت كيف كنا ننتظر موقف البابا من اى حادث يمس الأقباط ؟ .. تذكرت كيف كنا ننتظر كلمة البابا فى امر عقائدى مثلا .. تذكرت كيف كانت ردوده الحكيمة التى افحمت جميع المتربصين به ... تذكرت كيف اتفرغ لرؤيته حينما يتجلى على شاشات التلفزيون .. تذكرت كيف كنت اتناقل دعاباته من وقت لآخر وأضحك بها مع أصدقائى.. تذكرت شعورى ان لنا سندا فى هذا البلاد نتكل عليه حينما نقع فى الضيقة...تذكرت .. وتذكرت .. بدأت أشعر انى يتيما رغم حياة أهلى وشعرت فى داخلى ان مصر قد خسرت رمزا وطنيا اصيلا ، لم يشأ فى لحظة ان تحيا قيد الفتن والانشقاقات .. سعى وتنازل عن كثير من حقوق الأقباط ولكنه فضل مصلحة بلاده فوق مصالح طائفية.. عاش حياته يقدم و يخدم حتى آخر نفس .. لم يبح بآلامه النفسية والجسدية التى ظل يعانيها نتيجة لمرضه واضطاهاداتٍ لشعبه .. واكتفى دائما يسند شعبه بعبارته الشهيرة وايمانه الراسخ.."ربنا موجود" .


تعجبت من ردود الفعل لكثير من الناس حينما تهكموا على رثاء الأقباط لسيدهم ، تهكموا وسخروا من دموع الملايين على رئيس كنيستهم .. ذلك الرجل الذى شهد له العالم كله بمحبته وعطاؤه .. حزنت مثلما حزنت على الذين قتلوا فى محمد محمود ، ومثلما بكيت فى احداث بورسعيد ـ ومثلما ذرفت فى احداث ماسبيرو .. انها الانسانية التى تحترم كل انسان .. تفرح بميلاد جديد .. وتكره القتل و الفراق .. لا تشمت فى موت انسان حتى لو كان ظالما .. انها الفطرة الانسانية التى زرعت بداخلنا ..
هل يعقل ان ادافع عن الانسانية وادافع عن حقوق كل انسان فى الحياة .. وعندما أجد من يبكى لفقدان حبيبٍ اسب له من يرثيه حزناً ..
هل يعقل ان اذهب مأتم واذهب اليهم ضاحكا ومستهترا .. "انت جاى تعزى ولا تهرج .. لأ انا جاى أهرج " ..؟؟!
أليس من أبسط قواعد الانسانية هى ان تفرح مع الفرحين وأن تحزن مع الحزانى .. الا ترتدى الفتاة الأبيض فى زفافها وترتدى الاسود حينما تفقد عزيزا ...
ان كنت (تكره او ترفض ) شخصا لأنك فقط تختلف معه فى الرأى - وحتى ان كانت آراءك قريبة من الناحية الانسانية - فكرهك له او رفضه بشكل عام يتنافى عن ما تدافع عنه .. لان التنوع هو فقه الحياة وتقبل التنوع والاختلاف هو اولى قواعد الانسانية ..
ان راجعت علاقاتك مع الناس ووجدت انك تحب و تكره الناس لأسباب معينة فمازال لديك الوقت الكبير كى تدرك معانى الانسانية الصافية .. وهى ان تحب الانسان فقط لأنه انسان .. وتدافع عن حقه فى الحياة واعتناق اى افكار واى عقيدة فقط لأنه انسان !
لأا أطلب منك ان تتعاطف معى لرثائى ، ولا أطلب منك ان ترثينى قداسته .. ولكن أقل تقدير هو احترام مشاعر من يفقد عزيزا له حتى ان كنت تكرهه (كره العمى!) ..
لست محتاجا ان اعدد لك مواقف قداسة البابا الوطنية .. لانى لأ أريدك أن تتعاطف مع أحد لأى سبب .. فحتى ان تعاطفت مع احد لسبب ما فأنت قليل الانسانية ، فربما تعمق الاسباب مدى التعاطف ولكنها لا تخلقه ..  !
كما لا أريد أن أصدمك وأخبرك .. انك حتى ان فرحت بموت مبارك نفسه فأنت قليل الانسانية !!!
مازال كثير منا يحمل بداخله مبارك .. ويرفضون كل ديكتاتوريا بديكتاتورية ، ويقهرون كل رأى مختلف بقهر، وهذا "الفرعون"  حتى ان ازالوا اسمه من الميادين والشوارع والمدارس .. مازال محفورا داخل قلوب الكثير ...
يا من تثور من اجل الانسانية .. من فضلك اعتنقها قبل ان تثور من اجلها ... !!



الجمعة، ١٦ مارس ٢٠١٢

قانون الطبيعة الانسانية


"قانون الطبيعة الانسانية"

لم ينتظر الانسان الاعلان العالمى لحقوق الانسان الصادر فى ديسمبر 1948 كى تنفتح عيناه على شيئا جديدا لم يكن يدركه من قبل ، بل كان هذا الاعلان هو بمثابة خلاصة المبادئ الانسانية والطبيعة البشرية الموجودة فى جميع الأديان بل وقبل الأديان ، فمنذ بدء التاريخ والانسان دائم الحيرة ..تسنت معه مفاهيم لم يعلم ماهيتها ،وولدت بداخله قيم لم يدرك مصدرها ، فظهر عنده "خير" و"شر" ، و"جيد" و"ردئ " ، و"ظلم" و"عدل" ، و "طيب" و "شرير" ، كما وجد نفسه تتسق مع جانب واحد وترفض النقيض ، فوجد نفسه يحب شيئا اسما " خيرا " وينفر من شئٍ اسماه " شر " ، ويحث على "العدل " ويكره "الظلم" ، ويحب "الحرية " ويكره " العبودية" ، فأخذ يبحث عن سر اتساق ذاته مع هذا الجانب ، ولماذا تسعد نفسه مع ذلك الشق "الخيرى" وتنبذ ذلك الشق "الشرير" ، وتساءل ما هى هذه المسطرة الفطرية التى جعلت الانسان يرتاح الى واحد وينبذ الآخر ؟؟
وعلى الرغم من اتساق سعادة نفسه مع الخير يجد نفسه "يميل" للشر ، فعلى الرغم من حبه للعدل يجد نفسه "يظلم ويقهر " ، وعلى الرغم من حبه للحرية وجد نفسه "يستعبد" .. فبدأ فى داخله الصراع .. صراع "الالهة" ، صراع القوة التى تجعله يفعل الشر الذى يكرهة ، مع القوة التى تجعله سعيدا راضيا ومتسقا مع ذاته .. هذا الصراع على مدار العصور بحث فيه الفلاسفة والمفكرون ومنهم المفكر "س . اس . لويس " ودعاه  "قانون الطبيعة الانسانية" ويتلخص فيما يلى 

"تتسق ذات الانسان مع "الخير" ولكنه يفعل ما لا يحبه "الشر"



وطبقا لهذا القانون بدأ الانسان يبحث عن وجود قوة خارقة تساعده ان يحيا تلك الحالة (التى تتسق روحه عليها ) ، بدأ يبحث عن قوة تفوق من يظلمه او من يقهره ويستعبده ، قوة تحفزه ان يقدم العون للآخرين وينشر العدل والسلام والحب ، شعر فى داخله ان الانسان لم يوجد فى الحياة صدفة وهباء ، وانه وُجد لسبب لا يدركه ، وهدف لا يعلمه ، وشعر انه لابد ان تتحقق قوانين الحياة بطبيعتها لانصاف "الخير"  ، فلا يمكن ان يستمر الظلم ومن يظلم سوف تنتقم منه "الالهة" ، وان المظلوم سوف يُنصف آجلا او عاجلا ، وان لم يكن فى هذه الحياة فسينصف بعد موته ( ومن هنا أتت فكرة البعث والحساب ) ، وأن السعادة تكمن فى ان يفعل الانسان ما تتسق معه روحه.
فحب الحرية والحق فى الحياة والمساواة والحب والسلام وعمل الخير مدفونة داخل الانسان بفطرته ، لم تحتاج لملقن كى يعلمها له او  رسول كى يغرسها له ، فهذه هى طبيعة الانسان كما وجدت ،  فلم تأتى الأديان بجديد سوى انها اكدت على تلك المبادئ المحفورة داخل الانسان وأكدت على ان ما يشعر به الانسان صحيح ، هى فقط انارت له صوابه نحو الاله الذى يبحث عنه ، وحثته على الطريقة المثلى ان يحيا بها على الأرض ، كى يستكمل حياته المثلى فى الآخرة . لم تفعل الأديان شيئا جديدا سوى انها أكدت ان للأنسان هدفا من وجوده وأعطت لقوى الخير اسم "الله" وقوى الشر "الشيطان " . وأن حب الله هو حب العدل والرحمة والإخاء والسلام ، وما ناقضه هو عدم حب "الله" .
لم تأتى الأديان منافية لفطرة الانسان الغريزية ، بل حثته على نشر العدل والمساواة والسلام والحب ، ووعدته بالمكافأة فيما بعد الموت ، وحذرته مما لا تتسق معه ذاته من كراهية الآخر والعنف والحقد والظلم ونشر البغضاء والتعصب .. (السير وراء الشيطان ).
وللأسف ، الكثير من الناس يظن ان دينه قد أتى بما لم يأتى مسبقا فى تاريخ البشرية ، وما لم يفكر به أحداً من قبل وانه – اى الدين -  الذى هدى الناس الى الحق بعد الضلال وقاد الناس من الظلام الى النور والهداية ، وبالتالى فان معتنقه الوحيد على حق والباقى على خطأ ، ومن ثم يتخذ من الخير الذى يؤمن به وسيلة "ليفعل" الشر الذى "لا يريده"  فيكون الدين بالنسبة له هو وسيلة لقيادته نحو "الشر" الذى "لا يريده " ، يحاول ان يضفى شرعية الهية الى ما يميل اليه من تعصب وكراهية ونبذ الآخر. وفى الحقيقة : ان وجود مثل هؤلاء انما يؤكد على صحة  "قانون الطبيعة الانسانية " الذى ذكرناه ، فتجده انما يحاول ان يرد على الصوت "الفطرى الطبيعى " بداخله بما يوجد فى" دينه " كى يحاول تخديره واخماده ، فذلك المتعصب والغير متقبل للآخر لا يجد مفرا من ان يصطدم مع ما بداخله من المبادئ الانسانية المولودة معه الا بتفسير الآيات الدينية كما تهواه عقله حتى يسكتها ويخمدها ولكنها لن تصمت ابدا .
ان الاعلان العالمى لحقوق الانسان ليس الا المبادئ الانسانية المولودة داخل كل البشر ، فهى فوق جميع الأديان لأنها مولودة بداخل كل شخص ، فجميع الناس احرار ولهم الحق فى الحياة والاختيار والتعبير والابداع ، ولهم الحق فى ان يختاروا حكامهم وقادتهم ، وان الانسان عليه ان يكون مثمرا فى المجتمع ، لم يوجد من أجل ذاته بل لأجل الآخرين دون أى تمييز عرقى ، يساهم ويشارك فى المجتمع الذى وجد فيه ويصير واحدا فيه جزءا لا يتجزأ منه .. وعندم يرفض الانسان هذه الافكار بأى مبررات سواء كانت معيشية او دينية عليه ان يراجع فهمه لعقيدته جيدا لان هذا هو المفهوم الفطرى المولود معه المتسق مع ذاته  .
الخلاصة : " ليس الدين الا الوسيلة التحفيزية لفعل ما يتسق مع الطبيعة البشرية ، وان لم تجده متسقا عليك ان تراجع فهمك لعقيدتك .. وبالتأكيد ستجد نفسك مخطئا "

أندرو أشرف
16-3-2012