الأحد، ٣١ يوليو ٢٠١١

الاسلاميون خارج الحلبة


الاسلاميون خارج الحلبة

وامتلأ الميدان .. وصاحت الهتافات من كل جانب "اسلامية اسلامية .. لا شرقية ولا غربية " .. وصاح احدهم بصوت اجش "الشعب يريد تطبيق شرع الله " .. وبدأت هتافات وحدة الصف تهتف " ارفع راسك فوق انت مسلم " و "لا اله الا الله .. محمد رسول الله " و "الله اكبر الله اكبر فليعد للدين مجده " و " الشعب المصرى قال قراره واختيارنا اختياره " و " بالروح بالدم نفديك يا اسلام " و "صور صور يا اوباما الميدان كله اسامة " وارتفعت رايات السعودية وصور بن لادن فى كل مكان وظهرت لافتات الدعوة الى ارتداء الحجاب ووزعت منشورات للتبرع لبعض القنوات الاسلامية .. فى ميدان التحرير !!



 منشورات قناة الحكمة


صور صور يا اوباما التحرير كله اسامه


يبدو ان التيارات الاسلامية تعلمت السياسة من تجربتها الاولى فى الاستفتاء .. فالسياسة هى دوما الأغلبية .. هى الكثرة .. هى الزيادة المتدفقة التى ترهب اعداء الاسلام ( على حد وصف شومان ) ، هى دائما غزوة على كفى ميزان والفيصل هو وزن الكتلتين .. فأدركوا ان السياسة هى دائما ثقافة الاحتلال الكتلى.. فتغلب على ثقافتهم الأخذ بالكل ورفض الجزء ، العدد ثم العدد .. فلعمل الدستور يرفضون المبادئ الوطنية او الحوار الوطنى وتجدهم فى هتافاتهم – التى اعتبرها فئوية – يطالبون بالغاء المبادئ الفوق دستورية كى ينفردوا بتفصيل الدستور من أ الى ى على اهوائهم..


حازم شومان: وقفة اليوم هزت صدور أعداء الإسلام




ويطالبون بتطهير التحرير (او بالمعنى المشابه احتلال التحرير ) الأمر الذى اثار ذعر المقيمين فى الميدان ، ولتهدئة الأجواء اعلنوا سريعا تبرئتهم من تلك الادعاءات وقاموا بأول اتفاق لتوحيد مطالب التحرير الذى ما لبث ان فشل حتى ظهرت نزعتهم الداخلية للتفرد والأنانية والانفصال عن جو التحريروالوحدة وشمل الصفوف.

التيارات السلفية: مليونية الجمعة المقبلة لتطهير التحرير من العلمانيين



يظهرمعظم الاسلاميين و اقصد هنا بالاسلاميين (التيار المتشدد منها او المتأسلمين) فى معظم المناطق الاقل مستوى للمعيشة وبالطبع لم اقل كل بل معظم .. وهذا يرجع تفسيره – فى نظرى – الى الفساد الذى تدنى به النظام السابق فى فرض سلطته ومركزية الدولة حتى صب اهتماماته الكبرى فى ثلاث او اربع محافظات وترك باقى الجمهورية تغدق فى الفقر المدقع لا يسأل عنهم سائل ولا يهتم بهم عائل حتى وجدوا فى الدين لذتهم وسبيلهم لنسيان امور الدنيا وشقائها .. فكما قال ماركس : "الدين أفيون الشعوب " ، ولكن هذا التدين – نظرا للظروف الاجتماعية - قد شابهه الحقد الطبقى وكراهية الآخر ناهيك عن الاستكبار الراثى لحالهم وايمانهم الكامل بانهم هم المصطفون من الله وهم المسلمون الحق وغيرهم هو الكافر المشرك الذى ليس له مكان على ارض يجب ان يحكمها الله !
غدت جمعة "لم الشمل" او "جمعة الارادة الشعبية " او "جمعة وحدة الصف " من أكثر " الجمعات " التى شهدها ميدان التحرير زحاما وتكدسا بعد جمعة التنحى كما رجح الكثير من المحللين .. وعلى الرغم من امتلاء الميدان و اغراقه الا انها تمتعت بجوانب عديدة من الامتيازات التى اوضحت حجم القوى الاسلامية كلها فى مصر .. وأظهرت كثيرا من ملامح تلك القوى ومن تلك الامتيازات فى جمعة "تفريق الشمل" :
1 – وضوح مبدأ الارهاب اللفظى والعنف الواضح الذى ظهر فى مليشيات العريش وفى الخطابات التحريضية على ثوار التحرير .
2 – أن يعرف الجيش هؤلاء اليمين الذين أطلقهم لتأييده ويرى مدى خطورتهم على البلاد وكيفيها تهديدها لمصالح الدولة ومعاهداتها الدولية .
3- سعيد انى رأيت صور أسامة بن لادن الذين كرموه فى التحرير .. اذا كان هؤلاء يعتبرون قتل المدنيين هو شهادة وجهاد فى سبيل لله فهنيئا بالديموقراطية وهنيئا بالأمن والأمان والحرية التى وضعنا اجسادنا ثمنا لها.. اكملوا ايها الاسلاميين نريد ان نرى المزيد ..
4- تصريحات شيوخ الاسلام ان مظاهرات التحرير ارهبت (أعداء) الاسلام ، وكأن المطالب المشروعة تؤخذ غصبا و قهرا ورغم أنفك ، يوضح بما لا يحمل مجالا للشك كيفية غزو الفكر الايرانى فى مصر ، و أن القوة هى الشرعية الوحيدة لاغتصاب الحقوق وذلك ان ينم فينم على خطورة وكارثية تلك التيارات التى تعتمد على استعراضات عضلاتها ، وهذا ايضا انما يدل على الجهل الذريع بأمور السياسة التى حتى من مغزاها (سياسة – اى يسايس – ويقال فلان سياسى اى هادئ و دبلوماسى ,وفى لسان العرب تعنى حسن تدبير الامور اى الحكمة فى التصرف ) فنشكركم ايتها التيرات .. استمروا استمروا
5 – طرد المتظاهرين لبعض الغير محجبات هى كارثة بكل المقاييس ، هؤلاء الذين يحاولون تفصيل مصر على جلباب واحد و خمار واحد و فكر واحد هو قتل ذريع بمبادئ وأسس الديموقراطية مما ينبئ بديكتاتورية تلك التيارات وأن مصر تدخل على منحنى خطير يمكن ان يلقى بها لله لهوة عميقة .. استمروا ايتها التيارات نريد المزيد !

اعجبنى ما حدث لتمثال السادات و أعجبنى ما حدث لطرد احد العلمانيين والهتاف ضدهم (لا اله الا الله العلمانى عدو الله ) واعجبنى هيئة تلك الجلاليب واللحى والنقاب ، واعجبنى انتشار اعلام السعودية والاعلام السوداء على ارض وطننا الحبيب .. كل ذلك أعجبنى جدا لانهم وفروا علينا كثيرا فى المرحلة القادمة من منافسة فكر الاسلاميين وأظهروا التطبيق العملى لمعنى الديموقراطية ومبادئ حرية الرأى وأرونا ان هذه القوى لا تعرف سوى مبدأ الترهيب والتخويف ، واعجب واسوأ شئ هو الترهيب باسم الله ،، كأن اسم الله عندما يسمع من افواههم المسمومة هو بعبع آتى لذبحك (استغفر الله) فهنيئا لكم .. استمروا فى بغضكم و كراهيتكم .. استمروا وانا اشجعكم من قلبى ..

من حق هؤلاء التعبير عن أرائهم ومن حقهم أن ينادوا بأفكارهم ولكن هذا بالدعاية وليس بالرهاب بالاقناع وليس بالافزاع ، من حقهم ان يذهبو الى اى مكان آخر للتعبير عن آراءهم ، لان التحرير الآن هو للشهداء وحقوقهم ، هؤلاء الذين يعتصمون طيلة ثلاثة اسابيع من اجل دماء ابنائهم ليس من حق ان يأتى دخيل عليهم كى ينادى بمطالب فئوية تعبر عن قوم دون قوم .. حتى ان كانوا 5 مليون وهذا اقل احتراما وتقديرا لهؤلاء الماكثين فى الشارع ، فان كنت ليس معهم فعلا الاقل لا تكن ضدهم وان كنت ضدهم فليس لك الحق ابدا ان تتعدى على طلباتهم ، من حقهم كفصيل سياسى المنافسة ولكن ليس من حقهم الاستيلاء !
هؤلاء الذين يستفتون على الديموقراطية ويرون انها امر اختيارى ، ربما لا يفقهون ان الديموقراطية حق كالماء والهواء لكل انسان وليس لاحد ادنى حق ان يتحرك ويقول ان الديموقراطية كفر وانا سألغيها .. اذا فكيف ستلغى الديموقراطية التى تسعى ان تحكم من خلالها .. ام ايضا المكافيلية هى الوباء السائد فى المناخ الاسلامى .. ؟؟!!
ما يثير قلقى الآن هو ان يفوز المجلس العسكرى بكراته التى القاها فى ملعب التحرير وكأنه يريد ان يقول " أتقبلونا ام تقبلو هؤلاء؟؟؟ " فيرتمى حزب الكنبة فى احضانهم ويرفعونهم على الأعناق تحت شعار نار المجلس ولا جحيم الاسلاميين فضلا عن تخوف العالم الخارجى مما يحدث ونتيجة ذلك دعم المجلس العسكرى فى صلاحياته .. ولكن ان شاء الله المسيرة ستستمر .. ومصر ستصير مدنية تحضن المسلم والمسيحى واليهودى واى شخص وهبه الله ان ينشأ ويترعر على أرضها باذن الله ..

.فى النهاية أحب ان اوجه رسالة لأحبابنا الذين أرونا عددهم والفرحين بمناخ  الديموقراطية المحرومين منه عدة سنوات ولم يفقهوا اصول اللعبة حتى الآن


"ان الثورة لجواد هائج ومن يسعى لقيادته دون ان يعلم نفسيته سيرفسه الجواد خارج الحلبة "

أندرو أشرف

31-7-2011


لمتابعة مدونة قلم رصاص على الفيس بوك اضغط على الرابط التالى..

الخميس، ٢١ يوليو ٢٠١١

تمثيلية : جلباب ولحية وصليب


تمثيلية : جلباب ولحية وصليب

"يرتدى جلبابا قصيرا يرتفع قليلا عن قدميه.. وله لحية طويلة مباركة  .. يناديه اهل الحارة بالشيخ .." صباح الخير يا شيخ سيد .. مساء الخير يا شيخ سيد " .. وهو مستمتع جدا بهذا اللقب .. فهو لقب مميز لا يناله الا صفوة اهل الحارة من العلماء .. والذين يبدو على وجوههم وقار الدين والتقوى .. يراعى تماما واجهته الدينية .. يهوى حلقات المجلس ومكبر الصوت واذاعة الخطاب .. يغير على دينه بشدة .. فلا يتحمل ان يرى منكرا امامه .. ولا يتحمل ان يرى ما يخالف عقيدته .. بل يكرهه بشدة ، فهو يظن ان كلما اقترب من الله كلما اشتد كراهية لكل ما هو غير مسلم ، فلا يتحمل ان يرى امرأة كاشفة شعرها ، فربما يقذفها بسباب التكفير وهى تمر من جانبه .. ولا يتحمل ان يستمع لجرس الكنيسة وهو يدق رناته ، فيشعر ان صوته هو صوت الدعوة للكفر والشرك بالله .. ، ينادى بحقوق أسيرات الأديرة كما يزعم ، وله مبدأه .. اسعى للحق بالقوة مهما كلفك هذا .. فلا يهمك الوسيلة .. فالغاية هى المطلوبة .. ويخرج ويسب (شنودة ) والنصارى ..مدعيا اخفاؤه لكاميليا شحاتة واخواتهن .. ويخرج فى المظاهرات امام الكاتدرائية ، حاملا صورة البابا شنودة رافعا عليها حذاؤه ويقود المظاهرات هاتفا بسقوطه .."
امثال الشيخ سيد هم وباء يصيب المجتمع فى كل الأديان وفى كل المجتمعات .. يظنون ان الدين هو مجرد فرائض وظواهر وقوانين شكلية يمارسها الانسان كى يصبح متدينا .. ويهملون تماما جوهر الدين فى حياة الانسان وهو تهذيب سلوكه واخلاقه وجعله مختلفا عمن حوله .. ان يكون شمعة فى وسط تيار مظلم يقتدى به الآخرين ..
هؤلاء اصحاب التدين الظاهرى دائمو النقد والنقض .. مدققين دائما فى عيوب الآخرين ، او فى اختلافاتهم .. ومعظمهم –على سبيل كثير من الاحصاءات – لا يلفت نظرهم الا العيوب التى يعانون منها .. فعندما ينتقد أحدهم ويسب فتاة كاشفة وجهها ,, فى الأغلب يعانى من هوس جنسى يجعله لا يتحمل هيأة فتاة تسير بجانبه دون غطاء .. وعندما يرفض التحدث مع القبطى او المسيحى .. فهو يعانى من حقد وكراهية من هذا المختلف ربما لا يتصف بها غير المؤمن .. وعندما يسب رموز الكنيسة – فهو يعانى من انتقاص داخلى منهم يجعله يصب جامات غضبه عليهم فى سباب ودعاء على الغير بالتهلكة ..
أصحاب التدين الظاهرى يعانون من مرض (التقوى الكذابة) .. فهم يظنون انهم دائما على صواب ومن يختلف معهم هو من الضالين والكافرين ، يدفعهم كبرياءهم الى سرقة حق الله وحده فى التكفير والايمان دون توكيل مسبق مختوم بختمه سبحانه !! .. يهتف هؤلاء انهم لا يعترفون بمسلم ليبرالى او علمانى .. فمن انتم يا دعاة المظهر؟؟ .. ومن أعطى لكم الصلاحيات بالاعتراف او عدم الاعتراف بدين أحد.. ربما تختلف معهم فى مذهبهم .. وتفصلهم عن مذهبك فى تفكيرك .. اما الدين كله فليس لك حق فى الاعتراف به من عدمه .. من انتم؟؟ !
أصحاب التدين الظاهرى ..يركزون دائما على مظاهر التدين وليس السلوك نفسه .. يرون ان بعض الملابس التى كان يلبسها رسول الاسلام هى اقتداء به وواجبة على كل المسلمين .. على الرغم ان رسول الاسلام او السيد المسيح لو كانوا قد اتوا فى عام 2011 لكانوا ارتدوا البدلة والكرافت والكاشوال وير فالسيد المسيح كان يطيل شعره ولحيته كعادة اليهود وكذلك ملابس النبى التى كانت تتوافق مع البيئة الصحراوية .. فهم لم يأتوا ليعلموك ماذا تلبس .. بل كيف تتصرف فى سلوكيات الحياة وكيف تكون مختلفا فى تصرفاتك تبهر بها من حولك وهذا بالتبعية ينعكس على ملابسك ومظهرك فيما لا يخالف تعاليم الدين وتقاليد المجتمع المعاصر  .. فالأنبياء كانوا يلبسون ما يتفق مع بيئتهم ولم يدّعوا ان هذه الملابس هى ابتكار عصرى لم يوجد مسبقا ، كذلك تجد - دعاة المظهر -  يركزون على نشر الحجاب بين الفتيات ولا يهمهم نشر ما الهدف وراءه ، فتجدهم يفخرون بكثرته وانتشاره .. دون ان يركزوا على سلوكيات الفتيات والهدف الجوهرى لارتداءه .. فالظاهر هو الهدف وما خفى كان اعظم !

أصحاب التدين الظاهرى .. يعانون من وباء مكافيلى ..فالغاية تبرر الوسيلة طالما تضع الهدف صوب عينيك فالكذب والسباب نوع من الجهاد فى سبيل الله طالما مع من يستحقون .. فالكفار لا يجوز معاملتهم كبشر .. فالانعام افضل منهم .. لان الدين عند الله الاسلام ومن يختلف مع هذا الدين لا ييتساوى مع اتباعه .. يظنون ان الحياة قد منحت لهم هدية وان هؤلاء قد خلقوا كى يكونوا عبيدا لهم وجوار لسد شهواتهم ..!
وباء التدين الظاهرى يعانى منه الكثير من المسلمين والمسيحيين  فى مصر .. فتجد ايضا فى الجانب الآخر من يكن كراهية للمتشددين دينيا .. وتجده يقف فى المظاهرات عند ماسبيرو يرفع هتافات طائفية متشددة ضد المسلمين والاسلام .. تجده يرفع الصليب بيده وفمه يحمل الفاظا نابية تجاه هذا المختلف .. تجدها ترتدى الصليب على صدرها وهى تكشف الكيثر منه ولا تندهش بين ذلك التناقد العجيب !

ان كان الدين هو لحية ونقاب وصليب ذهب فيبدو اننا لم نفهم رسائل اصحاب تلك الرسالات .. فالرمز الدينى يعبر عن فقط انتساب لهويتك الدينية فى البطاقة فقط !! .. اما المسلم بحق والمسيحى بحق هو من يظهر فعلا ما تدعو اليه رسالته ..
فما اسهل ارتداء غطاء للوجه او تطويل اللحية او ارتداء صليب .. ولكن الأصعب هو كيف ان تعلى من شأن ذلك الذى ترتديه وترمز له ، وأن تسلك كما يسلك اصحاب تلك الرسالات ، فأمثال الشيخ سيد لا يعلون من شأن دينهم كما يظنون .. وكنهم لحماقتهم يقومون بالعكس .. فمدح العقيدة او ذمها يأتى من السلوك اولا وليس ظواهره شكلية وقد قالها غاندى : "لولا المسيحيين لصرت مسيحيا .."
فالتدين الظاهرى اسوأ من غير المتدين .. فالبعيد عن الدين يعلم جيدا انه بعيد .. وربما يحاول الاقتراب ويحاول التقاط الفرص لاستماع دعوة الله اما من يظن نفسه قريبا وفى حضن الدين يدور فى حلقة مفرغة من خداع النفس ، ورجوعه لرشده ربما يكون أصعب لأنه متيقن انه على الطريق القويم وغير مخطئ ..
ان القدرة على الاصلاح لا تكمن الا فى محبة الآخر واحترام انسانيته ومع من يختلف معك .. فحبك له هو الدافع لنصحه حتى ان رفض النصح .. وحبك للوطن هو الدافع لتغييره ومحبتك للزانى هو الدافع لاصلاحه .. ومحبتك للسارق هو الدافع لتهذيبه .. فالمحبة هو ذلك السر الحقيقى المغير .. وليس الكراهية او الحقد او الغل الذى لا يهدف الا الهدم .. فمن الحماقة وكل الحماقة أن تحسب حبك الزائد لله  دافعا  لكراهية أحد ..
أندرو أشرف
21-7-2011


لمتابعة باقى مدونات قلم رصاص على الفاس بوك
https://www.facebook.com/2alam.rosas



الاثنين، ٤ يوليو ٢٠١١

ذقن بطوط


"ذقن بطوط "

تطالعنا صحيفة 2015 بصورة كاريكاتيرلاحد القساوسة قام ومسك ذقنه فى يده ومكتوبا فوقها ..
"انا هرمى دقتى خلاص مش عاوزها " على خلفية فتوى ذكرها احد القساوسة بعدم ضرورة اطلاق لحية رجال الدين المسيحى !
وفى نفس اليوم يظهر لنا كاريكاتيرا اخر لبعض الحيوانات تصلى فى الكنيسة على غرار دعوة أحد القساوسة افتى بلزوم صلاة جميع الحيوانات ومكتوب اسفلها فتوى القسيس ..
"ايه المانع ان كل الحيوانات تصلى .. لازم نخلى الحيوانت تصلى ..! "
ظهرت تلك الكاريكاتيرات التى تستنكر ذلك الهراء فهاج وماج الأقباط .. مستنكرين ظهور الكلب فى الاماكن المقدسة ومستنكرين ظهور القسيس فى هيئة ساخرة ، وقاموا بعمل صفحات على الفيس بوك تهاجم رسامى الكاريكاتير، و قاموا بعمل كاريكاتيرات مهينة لهم .. ودعوا لمقاطعة الصحيفة التى نشرت تلك الرسوم المسيئة ..
يذكرنى ذلك تماما ما فعله كثير من المسلمين بظهور ميكى و مينى بلحية ونقاب .. !!
وهنا اتساءل .. أليس عندما تقرأ رسالة ولا تفهمها فبالأولى ان تذهب لصاحب الرسالة وتطلب منه ان تعرف قصده من ان تفهمها على هواك وتقوم بقذف السباب واللعنات !!!
فن الكاريكاتير فن ساخر يسخر من موقف معين او من حدث معين على طريقة "شر البلية ما يضحك " ,, وعندما ظهرت صورة ميكى وهو باللحية ، كانت ردا على مزاعم احد الوهابية بقتل وحرق ميكى ماوس ، تلك الفتوى التى تناقلتها وسائل الاعلام الغربية وسخروا من الدين الاسلامى بسببها ..

وعندها رسم أحد السعوديين تلك الصورة رسمها اعتراضا وتهكما على (قول أحد الشيوخ ) وليس العقيدة نفسها ..
وكذلك عندما رسم اشرف حمدى وجمعة فرحات كاريكاتيرا لرجال وستات واطفال بلحية ، كان هذا سخرية من لفظ غير دقيق للشيخ محمد حسان عندما قال "نريد 80 ميليون لحية " وليس سخرية من سنى "اللحية " ذاتها ..
فاذا مثلا قال احد الشيوخ "اريد جميع المسلمين ان يحجوا فى شهر رمضان " ورسم احد الفنانين رسما كاريكاتوريا للكعبة الشريفة والناس تحيطها من كل جانب لدرجة انها مملوءة بالبشر من اسفل الى اعلى حتى اختفت .. فهل هذه سخرية من الحج .. او من الكعبة .. او من الفريضة الاسلامية .. كلا هى سخرية من لفظ .. او قول .. قد يتصف بمبالغته ، قد يتصف بكذبه ، قد يتصف بتفاهته ..قد يتصف باستحالته .. الخ
فانت عندما تنشر صورة ميكى ماوس بلحية اعتراضا على هذا الشيخ .. فانت بذلك ترفع من دينك وتستنكر مثل تلك الأقاويل التافهة التى تشوه من الدين ولست تسخر من الدين ..اما غضبك من ظهور تلك الرسوم فأنت تعلن مجازا ان ما ذكره الشيخ الوهابى صحيح 100 % ودفاعك عنه هو دفاع عن فتوى اساءت للدين ، فأنت بلا وعى تسئ الى دينك ولا ترفعه !
عندما ظهرت فى ساحة الجدال فتوى رضاعة الكبير ، ظهرت كثير من الايفيهات والمقاطع الساخرة  والرسوم على تلك الفتوى اشهرها مسرحية "قهوة سادة " ,, فعندما يسخر هؤلاء من تلك الفتوى انما يعلنون تماما رفضهما الشديد ويستنكرونها ويجزمون انها ليست دينا كى ندافع عنه والدليل اننا "نسخر منها" وعندها لا يستطيع احد ان يتفوه على تلك الفتوى التى "استهزأ وسخر" بها المسلمين انفسهم!


"عسل اسود " شاهده ملايين المصريين ، بعض المصريين خرجوا واطلقوا السباب على احمد حلمى انه يهزأ بمصر .. والبعض الآخر خرج ورفع القبعة له وشهد له انه يحب مصر فعلا ويتمنى ان يراها افضل من امريكا ومن اى دولة فى العالم.. فما الفرق بين كلا ردى اللفعل ..
احدهم يفهم ما انا اتحدث بصدده وهو "البلاك كوميدى Black Comedy" والآخر دون تفكير أخذ الصورة كما هى وتكلم دون ان يرى عمق الموضوع واصله .. فالسخرية من الواقع فى صورة هزلية هو نوع من البكاء الأليم عليه يهدف الى رفضه رفضا تاما وليس تشجيعا له.. أتذكر حينما شاهدت ذلك الفيلم بقدر ما انا ضحكت بقدر ما بكيت على مصر وعلى حالها ..!
عندما نشر ساويرس تلك الصورة مثل آلاف المصريين الذين نشروها على تويتر من مسلمين ومسيحيين كان هدفها السخرية من ذلك الوهابى الذى اساء للدين بكلامه ، وعندما تفهم ساويرس خطأه  فى انه لم يراعى ان ليس كل الناس تفهم ذلك الفن تراجع واعتذر وأوضح قصده ..
نظريا ساويرس لم يخطئ وفعليا قد أخطأ لأنه لم يأخذ فى اعتباره حساسيات الشعب المصرى- خاصة انه مسيحى- وعدم ادراكه ان ليس كل الشعب المصرى هم قاطنى تويتر، ولكن يبدو ان هناك الكثير من يود الاصطياد فى المياه العكرة ومحاربة ساويرس سياسيا على نحو دينى .. او محاربته دينينا على نحو سياسى ..
لست ادافع عن ساويرس لكونى مسيحى مثله .. ولم ولن انضم الى حزبه ، ولكن ما ادعو اليه هو انه ليست كل صورة مرتبطة بجهة عقائدية نعتبرها اهانة .. الا لو كانت تلك الصور مسيئة فعلا للدين مثل الرسوم الدنماركية والتى رفضها جميع المصريين مسلمين ومسيحيين .. انما السخرية من قول شئ والسخرية من عقيدة شئ آخر .. والسخرية من ميكى بلحية شئ والسخرية من بطوط بلحية شئ آخر .. فالعبرة بدافع الرسم وليست الرسوم ذاتها ...

أندرو أشرف

لمتابعة باقى مدونات قلم رصاص على الفيس بوك اضغط على الرابط التالى