الأربعاء، ١ فبراير ٢٠١٢

رومية 13 - وفتوى عدم الخروج على الحاكم

فى البداية اعتذر وبشدة على طول المقال ولكن هو ليس مقالا بقدر هو موضوع بحثى فى تلك الآيات التى يحتكم اليها مؤيدى النظام وفقا للرؤية المسيحية الحقيقية ..وهنا نضعها بين ايدى القارئ كى تظهر له الامور جليا بين علاقة الكنيسة بالسلطات الحاكمة وفقا للمعايير الكاتبة ..


قراءة فى سفر رومية 13 – الخضوع للسلطات

1- لتخضع كل نفس للسلاطين الفائقة لانه ليس سلطان الا من الله و السلاطين الكائنة هي مرتبة من الله.
 2- حتى ان من يقاوم السلطان يقاوم ترتيب الله و المقاومون سياخذون لانفسهم دينونة.
 3- فان الحكام ليسوا خوفا للاعمال الصالحة بل للشريرة افتريد ان لا تخاف السلطان افعل الصلاح فيكون لك مدح منه.
 4- لانه خادم الله للصلاح و لكن ان فعلت الشر فخف لانه لا يحمل السيف عبثا اذ هو خادم الله منتقم للغضب من الذي يفعل الشر.
 5- لذلك يلزم ان يخضع له ليس بسبب الغضب فقط بل ايضا بسبب الضمير.
 6- فانكم لاجل هذا توفون الجزية ايضا اذ هم خدام الله مواظبون على ذلك بعينه.
 7- فاعطوا الجميع حقوقهم الجزية لمن له الجزية الجباية لمن له الجباية و الخوف لمن له الخوف و الاكرام لمن له الاكرام.


كثير من الناس وبخاصة رجال الدين المسيحى يستشهدون بتلك الآيات ويبررون به منطلق علاقة الكنيسة بالدولة ، ويستنتجون من خلال رسالة بولس الى اهل رومية (روما ) أن طاعة الملك (السلطان – الحاكم .. ) هو تعليم كتابى لا ينبغى النقاش فيه ، إذ ان السلاطين مرتبين  - او معينين - من الله ومن يقاومهم فهو يقاوم ارادة الله ذاته ، ومن هنا جاء تحابى الكثير من رجال الدين فى الوقوف بجانب الحاكم (مهما كان ) وتأيدهم العجيب له بالرغم من بطشه وقهره وفساده ، وجاءت التفسيرات والمبررات التى توضح لماذا ظهر خنوع الكنيسة للحزب الوطنى الحاكم فى الثلاث عقود الأخيرة ، ولماذا يختار رجال الدين الموقف اليمينى بهذا الصدد مع المجلس العسكرى الآن فى كل مواقفها وفى اعلامها ، ومن ثم فان قراءتى لهذه الآيات وتحليلى لها ليس اختراعا بشريا او سفسطة هوائية او اصدار فتوى دينية جديدة بل هى مركزة ومستفاضة من عدة تفاسير اهمها تفسير القمص تادرس يعقوب ملطى راعى كنيسة مارجرجس بسبورتنج ..
1 - "١ لِتَخْضَعْ كُلُّ نَفْسٍ لِلسَّلاَطِينِ الْفَائِقَةِ، لأَنَّهُ لَيْسَ سُلْطَانٌ إِلاَّ مِنَ اللهِ، وَالسَّلاَطِينُ الْكَائِنَةُ هِيَ مُرَتَّبَةٌ مِنَ اللهِ"
"كتب الرسول بولس: "لتخضع كل نفس للسلاطين، لأنه ليس سلطان إلا من الله، والسلاطين الكائنة هي مرتبة من الله" [1]، ذلك في الوقت الذي كان فيه نيرون يضطهد الكنيسة بكل عنف. إذ كان يؤمن إن نيرون أيضًا ـ بالرغم من شرّه ـ قد أقيم بسماح إلهي لخير الكنيسة، وليس عمل الكنيسة أن تقاومه لا في الظاهر ولا بالقلب، إنما ترد مقاومته بالحب والخضوع في الأمور الزمنيّة مادامت لا تمس إيمانها بالله.” – تفسير القمص تادرس يعقوب ملطى
يفسر لنا القدّيس يوحنا الذهبي الفم هذه العبارة موضحًا إننا نلتزم بالخضوع للرؤساء والحكام، لأن هذا التدبير هو من الله، لا بمعنى كل ملك أو مسئول أقيم من عند الله، وإنما التدبير ذاته هو من الله، إذ يقول: [ماذا تقول؟ هل كل حاكم اختاره الله؟ نجيب: لست أقول هذا، فإنني لا أتحدث عن أفراد وإنما عن المركز نفسه، إذ يجب أن يوجد حكام ومحكومين، حتى لا تسير كل الأمور في ارتباك، فيصير الناس كالأمواج يتخبطون من هنا وهناك، هذا ما أقول عنه إنه حكمة الله. لذلك لم يقل: "لأنه ليس حاكم إلا من الله" وإنما يقول: "ليس سلطان إلا من الله". وذلك كما يقول الحكيم: "زواج الرجل بامرأة من عند الرب" (أم 19: 14 الترجمة السبعينية)، بمعنى أن الله أوجد الزواج لكن هذا لا يعني أنه هو الذي يأتي بكل رجل يتزوج بإمرأة. فإننا نرى كثيرين يتزوّجون للشرّ تحت شريعة الزواج، هذا لا ننسبه لله.-نفسير القمص تادرس يعقوب ملطى

ومن هنا يتضح جليا أن بولس الرسول يتحدث عن وضع اجتماعى عام .. فلم يقل ليخضع المؤمنين بل قال " كل نفس" ، هو يتحدث عن علاقة الرئيس بالمرؤوس ، كما سبق وتحدث عن علاقة الرجل بالمرأة ايها النساء اخضعن لرجالكن كما للرب (اف  5 :  22) ..ويتضح ايضا أن كلمة سلاطين هنا غير مرتبطة بأشخاص ، ولكن مقصود بها سلطات لذلك قال فائقة وليس "الفائقون" وهذا يظهر اكثر وضوحا فى الترجمة الانجليزية لكينج جيمس

"Let every soul be subject unto the higher powers.."

كما فى ترجمة كتاب الحياة :

"على كل نفس أن تخضع للسلطات الحاكمة فى الدولة " (كتاب الحياة رو13 : 1 ع 7 )
لذلك فبولس الرسول يوضح البناء الاجتماعى للسلطات فى الدولة وعلاقة الانسان (الطبيعى ) لها طالما ساروا على نهج المنوال ، فالطبيعى ان تخضع الزوجة للرجل ، وأن يخضع الأبناء للأباء ، وأن يخض الموظف لمديره ، وأن يخضع المرؤوس لرئيسه .. ولكن السؤال : الى أى مدى يكون هذا الخدوع ..؟؟ هذا يتوقف على معنى كلمة خدوع فى الكتاب المقدس .. وهذا الذى سيتضح أكثر لاحقا ..

٢ "حَتَّى إِنَّ مَنْ يُقَاوِمُ السُّلْطَانَ يُقَاوِمُ تَرْتِيبَ اللهِ، وَالْمُقَاوِمُونَ سَيَأْخُذُونَ لأَنْفُسِهِمْ دَيْنُونَةً."

يكمل القدّيس يوحنا الذهبي الفم مظهرًا أن الخضوع هنا ليس لأجل منفعة زمنية، وإنما من أجل الله نفسه. فالخضوع هنا لا يعني ضعفًا بل "طاعة في الرب"

كما يظهر ذلك ناشد حنا فى تفسيره للكتاب المقدس  :

في العدد الأول رأينا أن المؤمن يخضع، وفي هذا العدد نقرأ أنه لا يقاوم. بل يوجد أكثر من ذلك، إذ نقرأ في الرسالة إلى تيطس أن المؤمن يجب ألا يطعن في أحد ولا يخاصم، بل يكون حليماً ومُظهراً كل وداعة (تي1:3، 2). قد تقع على المؤمن مظالم، فماذا يفعل؟ لا يقاوم، ولا يطعن، بل يخضع ويصلى. وأيضاً ’’يحتمل أحزاناً متألماً بالظلم‘‘ (1بط19:2)، ’’لأن هذا فضل عند الله‘‘. ’’وهو يمجد الله من هذا القبيل‘‘. والمسيح هو المثال الكامل في هذا. وأما الحاكم الظالم فلله تعامل معه، لأنه الأعلى الذي يحاكم.

وهنا أود أن أضع نقطة نظام لايضاح الأمور .. :

كما سبق وأن ذكرت أن بولس الرسول أرسل هذه الرسالة لأهل رومية المضطهدين من نيرون وهو اضطهاد دينى ، والايمان بالمسيح يحتم علينا ان نقبل الضيق والألم (من أجل اسم المسيح ) بمعنى ان اُضهد أحد بسبب المسيح فطوبى له ، يقول سفر اعمال الرسل "و اما هم فذهبوا فرحين من امام المجمع لانهم حسبوا مستاهلين ان يهانوا من اجل اسمه (اع  5 :  41)" وهذا يشترط الفرح الداخلى والشكر بهذا الاضطهاد لأن حساباتهم العقلية اقتادتهم لايمان قوى وهو الفرح من اجل الاهانة على اسم الرب يسوع ، اما ان لم يكن لك هذا الفرح فجدير لك أن تطلب حقك وترفع دعواك بكامل حقوقك الى قيصر ، وتشتكى وتصرخ مع بولس الرسول : " لاني ان كنت اثما او صنعت شيئا يستحق الموت فلست استعفي من الموت و لكن ان لم يكن شيء مما يشتكي علي به هؤلاء فليس احد يستطيع ان يسلمني لهم الى قيصر انا رافع دعواي (اع  25 :  11)

وهنا نجد بولس نفسه يرفض أن يحاكمه اليهود ويطلب بكامل حقه كمواطن رومانى أن يحاكم امام قيصر ، وهذا هو الخيار الذى يختاره الانسان حسب الحكمة المقتضى له اما ان يقبل المهانة ( ولكن بفرح وخضوع وعزاء داخلى فى الاستحقاق بالمشاركة فى آلام السيد المسيح ) واما ان ترفع دعواها الى قيصربالطرق البيروقراطية المعروفة وان لم توجد طرق بيروقراطية قوية يستطع ان يعبر عن رأيه بكل قوى بعيدا عن اعمال العنف التى نهانا عليها السيد المسيح ، اذا فالمظاهرات ليست سوى رفع دعوى الى قيصر الذى يقضى اوقاته فى كوكب آخر لا يسمع لأحد ولا يلتفت لأحد طالما اقتاداتها روح الشجاعة والسلمية ، اما اذا قبل المسيحى الاهانة والسكينة وهو مستاء من داخله وحزين ومنكسر فهذا لا يحسب اكليلا سمائيا بل يقع تحت بند "الخنوع" وهو مكرهة للرب .. والخضوع مرتبط بالتعزية والفرح الداخلى اما الخنوع فهو مرتبط بالمذلة والحزن والانكسار ، وكلاهما ظاهرهما .. ( السمع والطاعة ) .
لذلك نسأل .. هل ما نراه الآن على الساحة السياسية من منبر الكنيسة على قنواتها الاعلامية .. خضوعا ام خنوعا ؟؟ أجيبه ان كان بالحق خضوعاً فلماذا تشتكى فى برامجها المستمرة على قنواتها ، ولماذا تصوم من أجل الأحداث الجارية 3 ايام ولماذا تطالب بالافراج عن المتورطين فى سجون امن الدولة ولماذا تعانى من قوانين عدم الانصاف فى بناء دور العبادة .. هل قبلت ما يحدث لها بفرح؟؟ وان قلنا انها لم تقبله بفرح .. وتطالب بحقوقها كما فعل بولس ، لماذا نتغزل فى قياداتها وننعتهم بالاخلاص حسن الادارة  ؟؟ كيف تشكو من سارق وتنعته بيده النظيفة ، وكيف تشكو من قاتل وتصوم من أجل أن يرفع الله هذه الضيقة وتنعته بالاخلاص و"وحسن الادارة فى الوقت الراهن" ؟؟ لمن يكون التسبيح .. هل الى الله .. ام الى الحاكم ..؟؟ الا يعلم قيادات الكنيسة أن : "مبرئ المذنب و مذنب البريء كلاهما مكرهة الرب (ام  17 :  15)"


(ونكمل ... (تباعا تفسير ناشد حنا ) ..

 على أن المؤمن معفي من الخضوع للسلطان في حالة واحدة وهي: إذا طلب السلطان أمراً مخالفاً لكلمة الله وللضمير الصالح. وفي هذه الحالة ’’ينبغي أن يُـطاع الله أكثر من الناس‘‘، ولتكن النتائج ما تكون. كما قال الفتية الثلاثة لنبوخذ نصر ’’يا نبوخذ نصر لا يلزمنا أن نجيبك عن هذا الأمر. هوذا يوجد إلهنا الذي نعبده يستطيع أن ينجينا ... وإلاّ (أي سواء نجانا أم لم ينجنا) فليكن معلوماً لك أيها الملك أننا لا نعبد آلهتك ولا نسجد لتمثال الذهب الذي نصبـته‘‘ (دا16:3-19). وكما فعل بطرس ويوحنا عندما طلب منهما الحكام ’’أن لا ينطقا البتة ولا يعلما باسـم يسـوع‘‘. فأجاباهم ’’إن كان حقاً أمام الله أن نسـمع لكـم أكثر مـن الله فاحكــموا‘‘ (أع18:4، 19). فالمؤمن يخضع للسلاطين في حدود الطاعة لله. ’’في الرب‘‘. والنتيجة لا بد أن تكون لخير المؤمن ولمجد الله. – تفسير ناشد حنا

وهنا يكمن السر .. السيد المسيح علمنا روح الوداعة والطاعة والمبدأ العام – كما اوضحنا -  هو الخضوع وليس الخنوع ، فسبق وذكرنا أن الخضوع مرتبط ب " طاعة فى الرب " ، والطاعة فى الرب تحتكم لكلمة الله وللضمير النقى للانسان وفيما لا يخالف وصيته وتعاليمه ، وبعكس الخنوع وهو الانكسار والمذلة امام الحاكم ونفاقه لتحقيق مصالح خاصة او خوفا منه او كما يُدعى "فى مصلحة الكنيسة" او "هذه حكمة القيادة "  .. فهل تتفق مصلحة الكنيسة بالخنوع ؟؟ وباعلان التأييد للحاكم لأنه أفضل من غيره ، أو خوفا من حلول "أسوأ منه " أو خوفا من غضبه والنكاية بها ؟؟ ام هو خضوع "فى الرب" دون تزييف او تجميل او محاولة لتزيين الحقيقة الجوفاء ..

لقد تراجعت الكنيسة عن كثير من أدوراها الأساسية فى الكرازة وتوصيل رسالة الخلاص بل وتبرأت ممن أتوا الى المسيح حديثا خوفا من نكايات أمن الدولة والضغوط الدولية عليها ، خاف قيادتها ان يعلنوا بصوت صارخ آخر وصية أرسلها المسيح الى تلاميذه قبل الصعود "و قال لهم اذهبوا الى العالم اجمع و اكرزوا بالانجيل للخليقة كلها (مر  16 :  15) " حتى انحصروا داخل كنائسهم وانعزلوا عن مجتمعتهم واغلقوا ابواب السفينة امام المتشبثين بالنجاة وطالبين العون .. ونسوا وصية الرب لبولس "فقال الرب لبولس برؤيا في الليل لا تخف بل تكلم و لا تسكت (اع  18 :  9).

اما الآن فقد خفنا وسكتنا .. وماذا كانت النتيجة ؟؟ هل نفعنا الخنوع ؟؟ - هل صارايمان كنيستنا شهادة لها ، ام ضعفت ايمان ابناءها ونسوا أن هناك "الله ضابط الكل " ولا يوجد شئ يمر الا بإذنه ، ولكن الكنيسة عوضا أن تحث أولادها على القبول بفرح وتحول ناظرهم الى فوق وتقدم ابناءها الى الشهادة بفرح، أخذت دور محامى القضايا الدنيوية ، وصارت ترفع القضايا باسم الناس وتدخل فى مغازلات وصفقات مشبوهة من أجل الدفاع عن حقوق الأقباط والأقليات ، وتارة تغازل السلطة وتارة تقف بجانبها من أجل مستقبل مشرق ، ولكنه لا يغرب الا أمامها.

اذا:
هنا يظهر سؤال .. ماذا يقصد بولس الرسول بان من يقاوم السلطة يقاوم ترتيب الله ..

ان ما يتحدث عليه بولس من مقاومة لترتيب الله هو التمرد ، اى عدم الخضوع للسلطان لحاكم "يستحق " الخضوع ، مثل عدم طاعة الوالدين فى أمر وهم يستحقون الطاعة ، اذا ان الطاعة المخالفة لضمير الكنيسة وضمير الله ليس الا تذللا ورياء .. فالقاعدة العامة كما قيلت بالروح القدس على لسان القديس بطرس "فاجاب بطرس و الرسل و قالوا ينبغي ان يطاع الله اكثر من الناس (اع  5 :  29) . فما كان من يوحنا  المعمدان أن صرخ فى وجه الحاكم هيرودس وقال له " لا يحل لك " وبقوة حتى أمر بقطع رأسه واستحق شهادة "أعظم مواليد النساء" من السيد المسيح نفسه ، وهكذا فعلت القديسة دميانة حينما انتهرت أبيها (بالرغم من وصية الطاعة والاكرام ) لأنه بخر للأوثان خوفا عليها فقالت فيه صارخة " لمت القديسة بما عمله والدها، أسرعت إليه ودخلت بدون سلام أو تحية وقالت له: ما هذا الذي سمعته عنك؟ كنت أود ان يأتيني خبر موتك، من ان اسمع عنك انك تركت عنك الإله الذي جبلك من العدم إلى الوجود، وسجدت لمصنوعات الأيدي. اعلم انك ان لم ترجع عما أنت عليه الآن، ولم تترك عبادة الأحجار، فلست بوالدي ولا انا ابنتك، ثم تركته وخرجت." ( سنكسار 13 طوبة )

بالبنط العريض :

اذا فتعاليم الكتاب واضحة .. لا تقبل خبرا كاذبا و لا تضع يدك مع المنافق لتكون شاهد ظلم (خر  23 :  1)
من يتفوه بالحق يظهر العدل و الشاهد الكاذب يظهر غشا (ام  12 :  17)
اللسان الكاذب يبغض منسحقيه و الفم الملق يعد خرابا (ام  26 :  28)

نعود لباقى الآيات :

"فَإِنَّ الْحُكَّامَ لَيْسُوا خَوْفًا لِلأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بَلْ لِلشِّرِّيرَةِ. أَفَتُرِيدُ أَنْ لاَ تَخَافَ السُّلْطَانَ؟ افْعَلِ الصَّلاَحَ فَيَكُونَ لَكَ مَدْحٌ مِنْهُ ، لأَنَّهُ خَادِمُ اللهِ لِلصَّلاَحِ! وَلكِنْ إِنْ فَعَلْتَ الشَّرَّ فَخَفْ، لأَنَّهُ لاَ يَحْمِلُ السَّيْفَ عَبَثًا، إِذْ هُوَ خَادِمُ اللهِ، مُنْتَقِمٌ لِلْغَضَبِ مِنَ الَّذِي يَفْعَلُ الشَّرَّ.  لِذلِكَ يَلْزَمُ أَنْ يُخْضَعَ لَهُ، لَيْسَ بِسَبَبِ الْغَضَبِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضًا بِسَبَبِ الضَّمِيرِ.  فَإِنَّكُمْ لأَجْلِ هذَا تُوفُونَ الْجِزْيَةَ أَيْضًا، إِذْ هُمْ خُدَّامُ اللهِ مُواظِبُونَ عَلَى ذلِكَ بِعَيْنِهِ. ٧ فَأَعْطُوا الْجَمِيعَ حُقُوقَهُمُ: الْجِزْيَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِزْيَةُ. الْجِبَايَةَ لِمَنْ لَهُ الْجِبَايَةُ. وَالْخَوْفَ لِمَنْ لَهُ الْخَوْفُ. وَالإِكْرَامَ لِمَنْ لَهُ الإِكْرَامُ."

إن غرض الله من إقامة الحكام هو أن يخيف من يفعلون الأعمال الشريرة أما الذين يفعلون الأعمال الصالحة فلا يخافون السلطان، بل يمدحهم ويرفعهم .. وقد أعطاه الله السلطة والحق كى ينفذ العدل والحق ، وعلى الانسان المسيحى او الكنيسة ان تخضع له ليس بروح الغضبب (بالخنوع )) بل بضميرها فى ضوء كلمة الله ،  ولأجل هذا توفي جميع حقوق الدولة بحسب قول المسيح "اعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله لله وحتى تلك الحقوق توفى فيما لا يخالف تعاليم الكتاب المقدس ،  .. وفى النهاية يختم .. الجزية لمن له الجزية .. والخوف لمن يستحق الخوف .. والاكرام لمن هو جدير بالاكرام ..

اذا فالكنيسة (خاضعة) للقوانين .. وليست (خانعة ) ، وهى توفي ما عليها من مستحقات لدى الدولة ، وليس لها شأن بأى نظام سياسى موجود ، فهى تصلى من أجل الحاكم (حتى لو كان ظالما او فاسدا ) ولكنها تخضع له فيما لا يخالف تعاليم الكتاب المقدس ، وتكرمه حينما يستحق الاكرام ولاتنافقه ان كان فاسدا .. بل ستظل ( خاضعة ) له ومصلية من أجله ، وان استدعت أن تقول كلمة حق .. تقولها بصوت عال ومسموع ، وان خافت من بطش حاكم او فاسد صار خضوعها خنوعا ، وصار علو هامة رأسها انكساراً .. لأنها نبذت اهم تعليم .. "الاكرام لمن له الاكرام ".

فأنا كمسيحى ، أتبرأ من الأكرام لمن لا يستحق الاكرام والخوف لمن لا يستحق الخوف ، لأنهم ليسوا خدام الله بل هما خدام ابليس وملائكته ولا استطيع ان اكرم ابليس وخدامه ، بل سأصرخ فى وجه من لا يستحق الاكرام وأعلن فساده على الملأ ، وخضوعى لقوانينه واجبة طالما لا تمس حقوق الآخرين ولا تخالف تعاليم الانجيل ، اما ان كانت قوانين ظالمة ، و تأكل حقوق الكثيرين فلايجب السكوت عنها .. اذ اعود وأقول .. انى خاضعا وليس خانعا .
 أندرو أشرف
1-2-2012

هناك تعليق واحد:

  1. اندروا
    من المقالات اللى عجبتنى جدا و فيها موضوعيه فكريه عاليه..
    صحيح فى البدايه وصلنى انطباع انك هتهاجم موقف الكنيسه و خلاص، لكن لما كملت قرايه لاقيتك سارد لكل الأحداث اللى كنت محضره نفسي انى هرصهالك..
    المربك فى موقف الكنيسه / المؤسسات الدينيه فى عمومها و القادة الدينيين (الرؤساء)، ان موقفهم الصريح من الحاكم مش معلن، لأن ده معناه توجه فكرى، لكن انا بتوقع ان سواء الكنيسه او غيرها اكيد بتقاوم الشر اللى فى الحاكم او السلطه على قد الحكمه المعطاه من الله، لكن مانكرش ان اكيد فى ناس يهمهم رضا الحاكم بس ده مش الطبيعي!!
    فى النهايه شكرا انك لخصت الموضوع فى كلامك اللى بالأزرق اللى من اول (إن غرض الله من إقامة الحكام هو أن يخيف من يفعلون الأعمال الشريرة .......لغاية خاضع وليس خانع..

    ردحذف