الأربعاء، ١ يونيو ٢٠١١

رسالة من قبطى الى متظاهرى ماسبيرو

رسالة من قبطى الى متظاهرى ماسبيرو
انتهت الثورة المجيدة التى كان يتغنى بها المصريون على مدى اسابيع فور اعلان الديكتاتور رحيله ، وتأكد المصريون ان شعب مصر نسيجا واحدا يتكاتف فيه المصريون سويا لتحقيق مطالبهم ، فالذى منع مبارك من صموده هو تكاتف هذا الشعب مسلميه ومسيحيه بعد ان كان قويا جبارا لوجود الفتن المستمرة وان لم توجد فتنة كان يصنعها بيديه حتى يصير قويا صامدا لا يواجهه سوى اناس مندثرة الفكر والآراء لا يتفقوا ضده على لقب واحد ، ولكن منشغلين بحل خلافاتهم سويا التى كان له دور كبير فى صناعتها و تخطيطها ورسمها وفبركتها ..
ثم ظهر بعض الثورة بعد الناس التى هتفت واعلنت رأيا سياسيا وهو اسلمة الدولة وظهرت معارك المادة الثانية وظهرت خلافات "نعم" و "لا" واصبحت نعم "ترمز للمسلم المتدين ، او الحفاظ على الدين ، او الحفاظ على المادة الثانية ! ، والحفاظ على الاستقرار .. " ولا " ترمز "للمسيحى ، وترمز لليبرالى او الثورجى ، او من يريد الفوضى " وظهرت مسيحى ومسلم فى الساحة السياسية مرة اخرى وعادت ريما لعادتها القديمة ، واشتعل الاحتقان وواولى ثماره اشتعلت كنيسة صول ، وظهرت عروسة الماريونت "كاميليا" التى كادت ان تشعل وطنا باكمله، كما اشتعلت كنيسة العذراء الوحدة التى كانت بطلتها "عبير " !
وعند حدوث تلك الاحداث شعر المسيحيون ان لا احد سياتى بحقهم غير "الثورة" فبعد ان كانوا كتلة لا يجترئون على قول كلمة الحق فى الكاتدرائية ، عبروا عن دورهم الوطنى وصاروا ايجابيين واعتبروا انفسهم جزءا من نسيج هذا الوطن وعادت اليهم "المصرية الاصيلة " و طالبوا بحقوقهم للدولة امام ساحة "ماسبيرو" ، وهذا امرا رائعا حين يخرج الاقباط عن سلبيتهم وينادون بحقوقهم المشروعة التى لا يلوم احدا عليهم ، والتى يشاركهم فيها الكثير من المسلمين الذين جاءوا معهم وهنفوا "يحيى الهلال مع الصليب " و "مسلم و مسيحى ايد واحدة " وشارك المسلمون معهم قضيتهم لانها قضية حق مواطن مصرى من الدرجة الاولى وليست فقط كمسيحى ..
اتحدث بصفتى مواطن مصرى مسيحى ، ان شباب ماسبيرو تحدث بقوة ونادوا بحقوقهم المشروعة ولا يلومهم لائم ولكن ما يحزن فلب المصريين جميعهم تلك الشعارات الطائفية التى كان يرددها الآلاف امام المبنى .. "ارفع ايدك فوق ، الصليب اهه" ، " ارفع راسك فوق انت قبطى " " والمناداة بــ"كيريى لايسون" و "يارب" وماشابه ، والامر المثير ايضا هو تشغيل بعض الترانيم اثناء الوقفات ! ومن هنا احب ان اوضح شيئا ..
السيد المسيح حينما علمنا قال "اعطوا ما لقيصر لقيصر ، وما لله لله " فلا يجوز ان اعطى ما لقيصر لله او العكس .. وبولس الرسول حينما طلب ان يرفع قضيته الى قيصر فى سفر اعمال الرسل : "
حينئذ تكلم فستوس مع أرباب المشورة، فأجاب "إلى قيصر: رفعت دعواك إلى قيصر تذهب". (اع 25 : 11 – 12 )
فان كنا نحن كمسيحيين نرفع دعوانا الى قيصر ، اى الدولة ، فلابد ان تخلو هذه الشعارات تماما من تلك الهتافات لاننا بذلك لا نطيع وصيته فيجب ان تكون شعاراتنا كمواطنين مصريين لنا الحق تماما فى انشاء دور العبادة والمطالبة بمحاكمة الجناة، ولكن ما يحدث الآن يثير الفجوة ويوسعها ، ينبغى ان يعلم المسيحيون المقيمون فى ماسبيرو ان ذلك خطا قانونى وعقائدى ايضا حتى ان كان يقوده اباء قساوسة ، تخيل يا عزيزى المسيحى ان سرت فى مظاهرة وظهر بعض الناس و هتفوا "الله اكبر " و " اسلامية .. اسلامية " هل ستهتف ورائهم ام ببساطة ستنسحب بهدوء وتقول هذه مظاهرة طائفية لا تخصنى !
هذا شعور كثير من المسلمين الذين يذهبون الى هناك وهم مؤمنون بقضيتنا ان هذه مظاهرة طائفية لا تخصه ..
لماذا لا تكون هذه المظاهرة بدلا من ان يضمها مئات الاقباط ، تضم ملايين المصريين الذين يهتفوا لا للبلطجة ولا لأعداء الوطن .. و ليتأكد مقيمى ماسبيرو ان لا احد يفرح بما حدث فى امبابة و اطفيح وان ايضا بدون هؤلاء المسلمين المعتدلين لن يأخد المسيحيون حقوقهم .. وبذلك نخطئ خطأ "مظاهرة قنا الطائفية " و " مظاهرة المحاصرين للكاتدرائية "
اتعجب مما يأخذ الموضوع بعناد ومن يذهب هناك حاملا كفنه استعدادا للاستشهاد ، هل نحن نريدها معركة؟؟ ، هل نحن نريد مجزرة تحدث ونحن نستعد لها .. ام نقف من اجل مطالب مشروعة لنا كمصريين وهى الانتقام من الجناة الارهابيين وننتصر جميعنا بعد الحصول على مطالبنا المشروعة ضد العابثين فى الأرض ؟؟!!
اتعجب ممن يتكلمون الآن على الحماية الدولية ونسوا وطنهم الأم بل اتهمهم بالخيانة العظمى واقول لهم هل تتذكرون العراق بعد ان كان مسيحيوها يتجاوزوا ال 5 ملايين الآن اصبحوا بضعة آلاف !
لا يجب ان ننصاغ الى الأهواء وما يردده البعض دون مسئولية او ما يحث عليه بعض القنوات المسيحية التى تبث من خارج مصر ويقدمها من لا يعرف هذا الوطن وفضل حياة الترف عن العيش بين ابناء شعبه.
ان كنا نريد تدخل الله فلنذهب ونطلب ونهتف كيريى لايسون ونرفع الصليب ونعطى ما لله لله فى الكنيسة وليس فى ماسبيرو ، ففى الكنيسة نحن مسيحيون نطلب و نصلى و نصوم ونرنم ، اما فى الشارع فنحن كلنا مصريون ولا نريد ان يميزنا احد لذلك يجب ان نهتف كلنا كمصريين ضد هؤلاء الارهابيون ونتذكر ثورة 25 يناير التى وقف فيها جميع المصريون مسلمون واقباط ونشجع كل مصرى اى كانت ديانته ان يشارك فى هذه المظاهرت لان هؤلاء المفسدون هم اعداء الانسانية والوطن ، وكنت اتمنى من القيادات الكنسية التى تقود هناك ان تعى ذلك لأن صورة المسيحيين هناك اصبحت سيئة خاصة بعد ظهور قنوات مسيحية متطرفة لا تفعل شيئا سوى الشحن المستمر فى مسيحي ماسبيرو وظهور تلك الهتافات الطائفية الأمر الذى يثير التعاطف مع الاخ المسلم حتى ان كان مخطئا فهناك حالة انتقام سائدة ليس للكراهية ولكن لان مسيحي ماسبيرو اصروا على التمييز والهتافات العنصرية وبذلك اعلنوا ان خصمهم هو الطرف الآخر (المسلم) – الذى يستنكر ويتبرأ من كل الاحداث – وليس الارهاب ، فان كان المسيحيون هناك يبحثون عن حقوقهم فرجاء حفظ الصليب فى قلوبهم ورفع علم مصر .. وازالة صور القديسين ووضع صور "الهلال مع الصليب" – وبذلك تكون هذه المظاهرة اقوى لأنها تكون ضد فئة ارهابية معينة متطرفة وليس ضد شركاءنا فى الوطن بشكل عام الأمر الذى يضعف عزيمة هذه المظاهرات .
ندعو الله جميعا ان يحفظ الله هذه البلد من كل معتدى عليها ونتذكر ان مصر طالما عاشت شئنا ام ابينا هى فتاة محجبة مرتدية صليب .. فليت لا نشوه جمالها بهذا التعصب .
اندرو اشرف

18-5-2011

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق