الاثنين، ٢٩ أغسطس ٢٠١١

ميزان العدالة ..مائل !


ميزان العدالة ..مائل !

حين نتحدث عن العدالة ، فأنت تتحدث عن شقين (متهم وقانون ) ، وحين تتحدث عن متهم ، فأنت تتحدث عن تهمة معينة وتضعها فى كفة ميزان ، وتضع امامها حُكما على الكفة الأخرى كى لا تخل الموازين ، وتتحقق العدالة التامة حين تتساوى الكفتين..
فهى كما يرمزون اليها ، امرأة معصوبة العينين تشد بايديها على ميزان العدالة .. فليس على الميزان شئ سوى التهمة والحكم ، ولا يصح ان نمسك تهم اخرى او قضايا اخرى ونضعها على كفة الادانة - انتقاما من هذا الشخص- ويصير على الكفة الاخرى ايضا نفس الحكم للتهمة الأصلية .. فهذا هو الظلم بعينه !

حينما نتحدث عن مايكل نبيل سند ، الشاب المصرى الذى له آراء استفزت الكثيرين واتهموه بالخيانة والعمولة ، لابد حين سماع الحكم أن نعرف ما هى التهمة ونضعها على كفى الميزان السابق ، ولابد ان نعصب اعيننا عن امور اخرى تتعلق باتجاهه الدينى كملحد ، وكحبه لاسرائيل ، وتواصله معهم ، نعم.. هذه هى العدالة عينها !.. هل تهمة مايكل هو كتابة تدوينة انتقد فيها المؤسسة العسكرية ، آلاف المدونين كتبوا مدونات انتقاد للمؤسسة العسكرية ، ام ان مايكل – لشعور المؤسسة العسكرية باستنفار الكثيرين منه – صار هو افتتاحية الاحكام العسكرية ، وصار كبش فداء الأحكام الظالمة وأن المدافعين عنه سيكونون قلة .. حتى اصبح سهلا ان يأتى الدور على كل من صمت فى حقه ..
كيف اذا هتفنا فى الثورة حرية وكرامة ومساواة ان نخضع مرة اخرى لطبقية الفكر العنصرى .. وهناك من يستحق ، وهناك من لا يستحق ، هناك المؤمن وهناك الكافر ابن 60 فى 70 ؟؟؟ !!!!
هل فقط نؤمن بمبادئ حرية الرأى والتعبير اذا ما اتفقنا مع هذا الرأى ..
ام نطالب المبدأ من حيث المبدأ ؟؟!
هل المبادئ تتجزا؟؟؟
ينبغى ان نعلم ان المبادئ التى نطالب بها هى ليست بدلة نفصلها على البعض والبعض الآخر لأ ، هو مبدأ ثابت لا يتغير ، نطالب به لكل مصرى يعيش على هذه البلد ، مسلم ، مسيحى ، يهودى ، بوذى ، شيعى ،بهائى ،ملحد ، محب لاسرائيل ، محب للخنزير ، شريب خمر ،بلطجى مسلح هو مبدأ ثابت لا يتغير ..لا للاحكام العسكرية للمدنيين .. طرف القضية (انسان ) فقط .. اكرر فقط .. ولا يجب ان يكون منعوتا بصفة ما كى تتحقق العدالة !!
مايكل الآن مضرب عن الطعام لليوم السادس على التوالى وقد يلقى بحتفه كى يعلمنا درسا واحدا ..
العدالة ليست بدلة هناك من تجدها على مقاسه وهناك من تكون واسعة عليه ..
العدالة هى معادلة بين تهمة وحكم ، بعد اتاحة الحق الكامل للمتهم ان يدافع عن نفسه..
ومن ضروريات العدالة انه كما حُكم بالبراءة على أسماء ولؤى وخرجت اسماؤهم فى بيان كامل ، ان يتم الافراج على مايكل وعلى كل المدنيين ، او على الأقل المتشابهين مع مايكل فى نفس القضية وهى انتقاد المجلس العسكرى فى مدوناتهم؟؟.. ام هناك من يستحق لشعبيته وهناك من لا يستحق .. (ابن 60 فى 70؟؟)
ان كان هناك تهمة على أحدهم فلابد ان يخرج اى منهم لمحاكمة مدنية عادلة بقاضيهم الطبيعى كما نصت القوانين .. هل هو العدل ان يحاكم رئيسا مخلوعا مدنيا ويعالج فى أرقى مستشفيات مصر ، ويظل هناك انساناً مهددة حياته بالموت بعد ان شارك فى خلع الريس المحترم؟؟!!
مازال نظام مبارك كائن .. فالانسان لم يكن انسانا الا بوزن الكبار والآن الانسان فقط انسانا بوزن اقرانه وشعبيته  .. هل هذه العدالة؟؟؟ هل هذه هى حرية التعبير والرأى؟؟
ام هى ايضا المحسوبية فى ثوبها الجديد ..
ان اردت ان يصير عدل الله على الارض ، فلابد ان تعصب عينيك عن دين وجنس و لون المتهم .. ولا ان تضع فى نفس الميزان احكام الله عليه من الحاده وانكاره لوجوده .. فهذا هو الظلم بعينه .. الله له ميزانا آخر لا يعلمه الا هو .. فلا يجوز خلط الموازين .. ام هى بالفعل خلطة موازين لتحقيق الكوسة العسكرية .. وتكميم الأفواه .. وقمع حرية التعبير عن الرأى ؟؟!
الحرية لمايكل نبيل .. الذى اذا مات – سيصير شهيد الحرية ودرسا لادعا للدولة ولميدان التحرير ، ليست حرية التعبير والرأى أن أكون متفقا معك فى التعبير ..تماما...نهائيا...فكيف اذا اسمها حرية الرأى و أنا مقيد براحة سعادتك؟؟؟؟!!
ميزان العدالة (مائل..مائل...مائل... ) .. اخشى ان يكون هذا صوت نفس مايكل اذا ما لقى حتفه ..سيظل طعنة فى كل مصرى اومأ برأسه كى يذبح..ويموت..!
 الحرية لمايكل نبيل سند .. الحرية لمايكل الانسان .. اكرر الانسان .. الانس..ان !
أندرو أشرف
29-8-2011

لمتابعة مدونة قلم رصاص على الفيس بوك اضغط هنا

الأربعاء، ٢٤ أغسطس ٢٠١١

الليبرالية لأولاد الباشاوات فقط !


الليبرالية لأولاد الباشاوات فقط !

معلومة هبلة : "اللبن للأطفال والطعام للبالغين"

هذه المعلومة البديهية التى يتعلمها الانسان بالفطرة ، لا تقتصر ابدا على ذلك اللبن الذى يسيل من ثدى المرأة لولدها ، لكن ذلك اللبن هو كل ما يتناسب مع الطفل ان تعطيه .. فهى تسقيه (ماء ولبن ) ،، وتعلمه (ما..ما ...با...با...امبوووو ) ، وتبتسم له وتأخذه فى حضنها فيفهم الطفل رسالتها بأمان .. ومع العمر تنضج اسنان الطفل على مهل ، فيبدأ بابتلاع جميع السوائل حتى ينضج الطفل تماما ويستطيع ان يلتهم كل ما يقدم له ..
العقل البشرى يشبه تماما أسنان الطفل ، فليس كل ما يدخل اليه يستطيع مضغه والتهامه وهضمه ، فعندما تتحدث له بلغة تختلف عن لغته ، لن يقف أمامك وينصت اليك ويستمتع بجهله ، بل سرعان ما يتركك او يتجاهلك او يغير مجرى الحوار ولن يستمر فى حديث ينتقص من فهمه وقدرته على الاستيعاب ، لأن كبرياؤه لا يسمح له بالاستمرار ويعطى لك قفاه برسالة ( امشى يا اهبل .. بيقول ايه دا ؟؟ ) .
كنت مشاركا فى احدى حركات التوعية المدنية فى الشارع وقد قمنا بعمل ندوة فى عين الصيرة استقبلنا فيها سفيرا سابقا ومخرجا تلفزيونيا ومذيعة تلفزيونية وأحد النشطاء ، وانعقدت الندوة .. حتى فوجئنا فى لحظة قد قصمت ظهر البعير وهى زحف الكثير من القاعة بانتظام وبتتابع وتسلسل منتظم فى ظهور القفا واحدا وراء الآخر خارجاً ، ربما اذا كنت انا فى موقع المتحدث لتصدد من جبينى العرق من هول المفاجأة .. لقد كانت الكلمات الملقاة جميلة حقا ولكنها (أفرنجية) .. (فيس بوك – ايديولوجيات – قوس قزح – تويتر – ائتلافات - .....) تلك الكلمات التى يسمعها الفقير وهو ليس منشغل الا بعشاء اولاده السبعة و ما عسى ان يفعله فى فاتورة الكهرباء الواقعة فى الديون منذ فترة ؟؟ وهو مهدد بالطرد من بيته هو وأسرته فلا يستطيع ان يوفر ب 200 جنيه شهريا كل معيشة هؤلاء ، علاوة على مرض ابنيه الصغيران وعدم قدرته على علاجهما الأمر المؤرق له ولوزجته ، وهو الآن ترك بيته كى يضيع وقته فى مصطلحات افلاطونية لن تسدد ديونه وتجلسه فى بيته آمناً .. وانتظرت حتى انتهت تلك الندوة بألفاظها الغير مفهومة للعامة حتى جاءت فقرة اسئلة الجمهور ، وما ان اعطينا "المايك" لإحدى الحاضرين حتى انفجرت كبركاناً هائجا بسيل من الشكوى والألم الذى يلحق بها ، وروت لنا رواية  - مشابهة للتى فى عقل معظم الحضور-  مملوءة بالشكوى من الفقر المدقع والمرض الغير مشفى والمرتب المهين لها ولكرامتها ولم تعلق بكلمة واحدة عن تلك المحاضرة الأعجمية.
تفتقر معظم وسائل المجتمع المدنى من الوسائل المناسبة للتحدث مع عامة الشارع ، فالقنوات التلفزيونية غالبا ما تمتلئ اعلانات الطبقة الراقية ( روميرو (جبنة دى ولا لانشون ) – دايم – ماكدونالدز – شيفروليه – قطونيل (بيقولو بوكسر – هو دا غير اللبا....؟؟؟؟) – كيمو كونو والبلاى ستيشن ( زى الأتارى كده) ..  ) وتلك الاعلانات وهذه الصورة التى تحدثه عن متعة الحياة وعيش اللحظة ،  تجعل الفقير البائس المسكين الذى يستدين لدفع فاتورة الكهرباء ، ينصرف عن مشاهدة تلك القنوات المسببة لآلامه النفسية الدفينة بل يشعر بحقد طبقى تجاه هؤلاء الذين يتحدثون عن البيتزا ودايم والأسعار الباهظة ، ويشكل فى فكره رفض تام لكل هؤلاء أصحاب البادلة الشيك والكرافات الواو والميكروفونان (الذى اسماهم بالنخبة )،  ويذهب وراء تلك القنوات التى تخاطبه بلغته كالتلفزيون المصرى وقناة عكاشة التى نشعر نحن - اولاد البطة البيضاء - انها قنوات (بيئة ) ويستمتع باعلانات برسيل واريال (والراجل اللى جوه الهدوم ) والاطعمة المناسبة لحالته ، والقنوات الدينية التى تخاطبه فى صميم قلبه وعقيدته واعلاناتها عن الغسالة (المستعملة والثلاجة اللى لسه حتة واحدة وفروست بس شغالة ! )

صورة المدنية والليبرالية التى يعرضها البائعون فى القنوات الخاصة بشكلها المغرى (لأولاد الباشاوات) ، لابد حقا ان تترجم لأهل الشارع وال 40 مليون الذين تحت خط الفقر بالاباحية والبنات العراة والرقص والديسكو، لأن تلك القنوات لا تخاطب فعلا الا اولاد الذوات مصر الجديدة ومدينة نصر وقصر النيل (الذين قالوا لا ) ، فثمن اعلاناتها لا يتناسب مع الشركات الصغيرة ، لكنها موجهة اولا فى جيب الأستاذ صاحب القناة فضلا عن المطلحات الفرنسولاتي الالمانو عربى  (انتخابات برلمانية – انتخابات رئاسية – دستور – ديموقراطية ..).. فكم مرة ظهرت فيها السيدات المحجبات ، او حوار مع (ولية طخينة من اياهم) ؟؟ وكم مرة ظهر فيها الرجال بجلبابهم المهلهلة يتحدثون عن انفسهم؟؟ وكم مرة ظهرت تلك المواد الاعلانية التى تناسبهم؟؟؟ والدليل على كلامى دعايتهم القوية ب"لا" فى جميع برامجهم ، الا ان السبب فى تلك ال"نعم " (ليس فقط تديين الاختيار ) ولكن ما يدعمه ذلك من قنوات تخاطب مصر الجديدة ومدينة نصر القاطنين على كوكب المريخ وليس فى حى الزبالين والقطامية وبشتيل وبراجيل وفى احياء ونجوع القاهرة والممتلئة بكثرة فى انحاء البلاد.
الاخوان المسلمين بحق هم افضل القوى السياسية التى يجب ان اعترف بتفوقهم فى توزيع الطعام واللبن ( الرسالة المناسبة ) لكل مصرى ، فصندوق الخيرالذى يذهب الى الفقراء يحمل الكثير من المعانى والبرامج المعبرة عن الاخوان ، وهؤلاء المتدينون نحدثهم ان التعديلات هى واجب شرعى ، وأهل القاهرة نوزع لهم منشورات بأن الاجابة بنعم هى الاستقرار بعينه ودفع عجلة التنمية والتقدم (دون التحدث بكلمة لها علاقة بالدين ) ، ومجتمع الفيس بوك وتويتر لديهم شبكة رصد التى تروج بالأكثر لانشطة الاخوان المسلمين فى وسط الأخبار المنقولة من كل اتجاه فضلا عن فكرهم الذى يدس فى وسط الاخبار الموجهة دون وعى القارئ ..
لكى تتحدث لأهل البلد ولأكثر من 60 مليون مواطن لابد ان ترتدى زيهم وتأكل أكلهم وتخرج لهم فى لهجتهم العربية (دون بهرجة لسانك بلغات اهل الفرنجة)  كى تصل رسالتك الى قلوبهم ويشعرون انك واحدا منهم ، ولا أن تخرج عليهم بلسان الفيس بوك والطويطر وبملابسك الشيك وبتسريحة شعرك الروشة وبالحظاظة الماسونية وبالسلسلة الامريكية و بتشيرتات الجيفارا وتحدثهم عن النهضة والتنمية والعجلة .. فكلماتك لا تترجم عنده اكثر من النهضة اى ينهض للعمل فى الورشة ، وتنمية اى تنمية الزرع وارواءه والعجلة هى عجلة الولد حمدان التى اشتراها الحاج عواد لنجاحه فى الابتدائية..!

م/ أندرو أشرف
23-8-2011

لمتابعة مدونة قلم رصاص على الفيس بوك اضغط هنا


الخميس، ١٨ أغسطس ٢٠١١

اسماء محفوظة


أسماء "محفوظة"
ولدت من رحم مصر ، من رحم الحرية ، من رحم الكرامة .. خرجت تجول أرض مصر توقظ شعبها  "أفيقوا .. مصر تستحق أكثر من ذلك .. مصر أجمل مما ترونه الآن .. نعم نحن نستطيع ان نغيرها هيا " ، أخذت تنادى بها ولم يلتفت اليها الا القليل - الذين شاركوها الحلم .. ان تعيش مصر حرة مستقلة .. لا تلبس قناع الحرية ، ولكنها تحيا الحرية ذاتها ..
فتاة جميلة خرجت تنادى باعلى صوتها "عيش .. كرامة .. عدالة اجتماعية " ، رأت حولها أجساد الشهداء تتناثرمن كل جانب ولم تخشى ولم تهاب المنظر المروع .. بل رفعت ايديها الى الدعاء اليهم وحفظت صورتهم فى قلبها ، وأخذت على عاتقها امانة ثأرهم ، ودماء قاتلهم ، فأخذت ترفع صوتها أكثر فأكثر .. "عيش .. حرية .. عدالة اجتماعية" والدموع تفيض من عينيها كى تنتقم لدماء هؤلاء الذين هتفوا حولها ، حتى جاء يوم الهتاف .. يوم الفرح .. انطلقت فيه الألعاب النارية تلون السماء الداكنة ، ودقت الطبول وساد التحرير جو من الفرح الغامر لم يشاهد مثله قبلا .. يوم اعلن فى الميدان انتصاره على الطاغية .. شعر انه ولأول مرة انسانا حرا كريما ، وسرت فى عروقه معنى الوطنية وان هذه البلد هى ارضه التى يخاف عليها ، شعر انه انسانا مختلف ،  نزل التحرير بعد جمعة التنحى لكى ينظفه .. دون ان يدعوه أحد .. فقط لأنه انسان .. وفاضت فى داخله مشاعر الانسانية ..!
"اسماء محفوظ" هى بطلة من أبطال الثورة الذين خرجوا فى استقبال رصاص قوات الامن والقناصة ، حاملين أكفانهم على ايديهم أمانة فى أعناق باقى المصريين .. هكذا كان شعور كل روح تنطق فى الميدان .. خرجت فى ظل انقطاع الاتصالات .. وهم يعلمون ان ذلك اليوم من المحتمل جدا ان لا يعودوا منازلهم .. وبالفعل كان ظنهم فى محلهم ..
أسماء محفوظ

مايكل نبيل سند

كان يوم التنحى يوما حافلا على مصر ولن يُنسَى ، وأخذت وسائل الاعلام التى كانت مع وضد الثورة تشدو لها .. وسرعان ما تناسى المصريون كم احتملوا من اهانة وتخوين لأنهم شعب طيب .. يحب بسرعة وينسى بسرعة .. او ربما .. يتناسى .. وظنوا ان الثورة قد انتهت .. فقد كان الهدف هو "الشعب يريد اسقاط الرئيس" .. وقد تم .. وهتف "الشعب يريد اسقاط النظام" ..وايضا قد تم ..اذا انتهت الثورة .. ونجحنا ..!!
لم تلبث بعض الايام القليلة ونجد ان الثورة التى سلمناها فى ايدى المجلس امانة لتنتهى كما اراد الشعب يتغير مسارها ، فوجدنا المجلس ينهج نهج مبارك فى ذات التعديلات الدستورية المشوهة وكأن الشعب لا يستحق دستورا جديدا يليق بثورته ودماء شهداؤه ، وكأن أفكار مبارك المقترحة حية بعد خلعه ، وقام المجلس بعمل الاستفتاء ، وكانت دعاية القوة المؤيدة لنعم .. انهم يريدون الاستقرار .. انهم يريدون سرعة رحيل العسكر من على هذا الكرسى ، ولكن يبدو ان المجلس بدأ يرمى لنا كرسى فى الكلوب ، ويبدو ان المجلس بدأ يغرس جذوره فى الكرسى حتى صار رحيله يوم بعد يوم اشد واصعب مما سبقه ..
لقد تعهد المجلس العسكرى انه لن يمس المدنيين فى محاكمات عسكرية الا من يتهم بالبلطجة او التحرش الجنسى  والتعدى على رجال الأمن العمد (رسالة 68 والآن هو فعلا ينفذ وعده بدقة ويقبض على كل من لا يعجب حضرة المجلس فى التعبير عن أراءه ، وكأن ثورة لم تقم ، بل استبدلنا غفير بغفير واستبدلنا مباحث أمن الدولة بالمحاكمات العسكرية ،  وصارت حرية الرأى والتعبير خط أحمر ضد المجلس الذى حمل على رايته مسئولية البلاد دون تفويض او اسناد ، بل أخذها من تلقاء نفسه و قد غره شعار الجيش والشعب ايد واحدة ، حتى زعم ان نعم التى قيلت لانهاء حكم العسكر بأقصى سرعة وحلول الاستقرار - كما زعم المستفتون – هى نعم للمجلس العسكرى ..!!
وبدأ مخيم آخر يقوده المجلس بخفافيشه وهى المحاكمات العسكرية ، والتى تعرض لها اول سجين رأى مايكل نبيل وصمتت اذهاننا عنه وتغافلناه بحجة انه يتحاور مع الكيان الصهيونى فى بث السلام -ان اتفقنا او اختلفنا معه – صار مايكل كبش  فداءَ المحاكمات العسكرية وصار كل من يلتحق بمايكل فى زنزانته يتذكر انه يوما ما قد قصر فى حقه حتى لازمه فى نفس المكان .. بل ربما مستقبلا نجد الثوار متجمعين فى مخيم مظلم واحد مع مايكل و يحاولون امساك ورقة وقلم ويجدون ان الخطأ هو عدم التطهير أولا باول .. فالفيرس السياسى يصيب اولا عضو صغير حتى ينتشر بشدة ولا تستطع ملاحقته بسهولة ..ربما يكون هذا ذنب مايكل وربما يكون ذنب كل بلطجى قدمناه هدية للمحاكمات العسكرية حتى صرنا نلاحقهم فى ذات التحقيق ، نحتسى نفس القهوة ونبيت فى المكان عينه ..!

ربما نجلس كلنا فى هذا المعسكر الاسود ونجد ان الرئيس الأعلى للقوات المسلحة سابقا والحاكم العسكرى (سابقا) يحاكم محاكمة مدنية ويجد الثوار انفسهم فى تلك المحاكمات وفى تلك الزنازين التى كان اولى بها من خلعوه ومن ثاروا ضده ومن تسببوا فى فساد مصر السياسى 30 عاما ومن اذاقوا الشعب المصرى كأس الفقر والذل والهوان طيلة ثلاثة عقود ، ومن قتلهم النظام على مدة فترة تشبثه .. اما من قدمت ارواحهم لكسر ذلك الرباط المتين بين ذلك الطاغية وكرسى الملك فصاروا مكان الطاغية الديكتاتور ...
ان نظام مبارك يبدو انه مقبع فى جينات كل من يحمل السلطة ، من المجلس حتى اصغر صاحب محل فى ورشة .. ، لم يأتى بعد وقت الاستشفاء ، ولم يحن وقت التعافى من هذا الوباء المباركى ، الذى كان منتشرا فى جذورنا طيلة 30 عاما .. هذا الوباء يحتاج ثورة ثم وقاية .. فلن تنتهى الثورة اذا ما وتوقفت الاحكام العسكرية ، ولن تنتهى الثورة اذا ما تسلمت السلطة ، سلطة مدنية منتخبة .. انها ثورة للابد ، الفرق بين قبل الدستور وما بعده ان الآن الشرعية فى ميدان التحرير ، وبعد الدستور الشرعية له ، ولكن ان تخلت الشرعية عن حقوق المواطنين سيعود ميدان التحرير ليس لاسقاط الدستور .. بل لتدعيم شرعيته .. وربما لاسقاطه .. ان خرج احد المتعاقدين كليا عن النص ..!
انها ثورة مستمرة ولن تنتهى ، ثورة على الفساد ، ثورة على الظلم ..ولا اتحدث عن الثورة بمفهومها الراديكالى(*) .. ولكنها ثورة ضد كل من اتخذ حقاً ليس له ، ولا يتعجل أحد الاستقرار .. فالاستقرار كان جزءا من المرض المباركى كى تسكن فى بيتك وتسلم قفاك للظلم فى سبيل لقمة عيش مغموس فى كأس المهانة.. ولكن الاستقرار الحقيقى حين يعرف الانسان انه انسان بحق عندها سيتعلم اين حقوقه و ما هى واجباته ،، وان خرج عن دوره وجد امامه ثورة من جماهير تطيح به لان مصر ليست معقل الفاسدين وليست ملجأ للظالمين ..
ستظل مايكل واسماء ولؤى ووائل ونوارة وكل من حمل على عاتقه راية الحرية وكل شهيد دفع ثمن دماؤه لفك أسرنا .. أسماءً محفوظةً فى قلوبنا ، وسيسجلها التاريخ باحرف كبيرة ..هؤلاء الذين نقتدى بمثالهم وباصرارهم نتعلم منهم .. ان تعيش حرا مكرما ، او تموت شجاعا مرفوع الرأس ، فليس خير الأمور هو الوسط بل أسوأها ! ..  انما الثورة مستمرة الى الأبد ولن تنتهى !
أندرو أشرف
18-8-2011
 -------------------------------------------------------------------------------
(*)الراديكالى : الجذرى الذى يسعى لازالة البناء كاملا ولا يقبل الحلول الوسط .

السبت، ١٣ أغسطس ٢٠١١

نيوتن والفتنة الطائفية


نيوتن والفتنة الطائفية..

الجزء الثالث
احترس : هذه الصورة تثير الفتنة الطائفية

ملخص ما سبق

ذكرنا فى الجزءين السابقين ان الانسان فى سلوكه وأفعاله لا يعتمد على الفعل الموجه اليه (كقانون نيوتن) بل حسب ما يمتلئ به عقله الباطن من مبادئ وأفكار و دوافع ومعتقدات قد برمجها الواقع فيظهر سلوك الانسان فى رد الفعل يختلف قوة ومقدارا واتجاها عن الفعل  .. والآن دعونا نعرف كيف نشأ مصطلح الفتنة الطائفية فى مصر منذ اواخر السبعينات وحتى الآن ..
ما اسمك ..؟؟

جرجس فوزى سالم
مينا سامى
اندرو اشرف
مارينا ماجد
ناردين سامح
جوليان رمزى

هكذا أصبحت اسماء مواليد جيل آواخر الثمانينات والتسعينات ، تسعون بالمائة اسماء مسيحية او اجنبية يتبعها اسم الوالد مشتركا ، وبدا للمجتمع اولى عناصر الاستقطاب ، بعد أن دخل المجتمع مصطلحات جديدة لم يكن يدركها وتوغل الاسلام السياسى فى عرق المجتمع المصرى ..
 وظهر صورة قطبى الامة ويرمزان لها بالهلال والصليب وظهرت مسيحى و مسلم بوضوح جلى وببريق لامع بعد ان كان المجتمع يحتوى المسلم والمسيحى واليهودى ولم يفكر أحدا من هذا ومن ذاك..، وخرج عفريت الاسلام السياسى من مخبأه بعد رشوة تعديل المادة الثانية من الدستور وضمها مع تعديل مادة أخرى وهى المادة 77 من دستور 1971 والتى تخول لرئيس الجمهورية صلاحية البقاء والخلود الى يوم الدين وتعديل فقرة مدتين الى "مدد " أخرى .. وهذا هو السبب الحقيقى للمادة الثانية فى الدستور وهو صناعة الديكتاتور..
ظهرت نيران الفتنة حين ظهر ما يعرف باسلمة المجتمع او ما يعرف فى المفهوم الحالى ب "تطهير الأرض" وذلك – كما ذكرت سابقا – لمحاربة اليسار الذين كانوا كالذبابة فى حياة السادات التى تؤرقه .. وبدأ المجتمع فى موجة العند والاحتقان وصارت الأحداث الجارية بين الطرفين هى بمثابة كأس بنزين فى نفس كل واحد لا يسعه سوى فتيلة من نار حتى تشعله وتصب جامات غضبها على صدر الوطن لتحرقه ..
وكرد فعل من أسلمة المجتمع رفض الأقباط هذا الشأن الذى صنف المجتمع الى مسلمين وكفار والى اكثرية و أقلية فسعوا أن يظهروا صورتهم بوضوح ، فكانت أولى تلك المحاولات هى تسمية الأبناء (أبناء هذا الجيل ) بأسماء مسيحية صريحة (مينا – ماريان – مونيكا - ....) ، وظهرت صراحية الاعلان المسيحى فى المجتمع عن طريق ارتداء الصليب عن الصدر (كرد فعل للحجاب ) بكثرة و كذلك دق الصليب (*)  ، وحاول الأقباط على مدى تلك الأوقات بمحاولة استدعاء قوتهم بعددهم .. فتارة يقولون نحن خمسة عشر مليونا وتارة يحاربون كل من يتحدث على انهم اقلية ويحاولون – كرد فعل – بنفى واستنكار تلك الاحصائيات المهملة لهم ..
وأصبحنا نسمع مصطلحات لم تكن فى معجم "لسان مصر" على مدى العصور القديمة (أكثرية – أقلية – حقوق الأقباط – قانون موحد لدور العبادة ...) كل هذا صار كمخازن البترول فى نفوس المجتمع المنتظرة بلهفة تلك الفتيلة المشتعلة ..

أحمد و جورج

 يدخل جورج المدرسة فى بداية حياته لا يعلم أحدا ، يجلس فى اى مقعد ويتعرف على من بجواره ويجد اسمه أحمد ..، يحاولان ان يخترقا حاجز الصمت فيتبادلا الحديث ، يمرحان ، يتبادلا الأرقام ، يساعدا بعضهم فى الدروس ، يتعارف والديهم على بعض ، اذا فاته احمد شيئا مما كتب يسرع بنقله من أخيه جورج و كذلك ان احتاج جورج لمعونة وجد أحمد عونه .. حتى تأتى لحظة الانفصام ، لحظة الصمت والذهول ، لحظة يجد جورج نفسه مسحوبا من يده ويؤخذ خارج الفصل بعيدا عن أخيه لحضور حصة الدين ويدور مع مدرسته مصطحبة التلاميذ كى يجدوا مكانا صغيرا قابعا فى أحد الفصول المتهالكة او الفارغة كى يتعلم من مدرسته الدين .. من هنا تفتحت عينى جورج على الواقع والحياة فعرف ان هناك مسيحى وهناك مسلم وهناك فرق بينه وبين اخيه وليست كل الأوقات يجب ان يكونوا سويا فهناك لحظات يجب ان تفترق الايدى وان يمنع القدر وحدتهم..حتى فى مكان التعلم ..
تعلما الاثنين انهما فصيلان وأصبح فى ذهنهما ان كلاهما مختلفان ،وكرد فعل من عنصرية المجتمع وفرزه يتدخل المتطرفون دينيا فى ابداء وجهة نظره فى الآخر وكيف أن يعامله وأن يتفحصه ويبدا فى ترسيخ ذهنه بقوانين سلوكية مرفوضة تجاه هذا الآخر وربما يزيد تطرفه الى اشعال غيرته واقناعه ان كراهية الآخر هى ضرورة ملحة لاستكمال دينك بل ربما يحرضه على ان القضاء عليه هو الحل !
وعلى الجانب الآخر يحاول الاعلام فى اخماد تلك النار ولكن .. ببنزين آخر !
يشاهدا الطفلان التلفاز فلا يظهر المسيحى فى مشهد الا لسبب انه مسيحى وحتى ان لم يلتفت المُشاهد لاسمه وجب على السيناريست ان يظهر بعض الكلمات فى السياق التى تدل على عقيدته – التى بالمناسبة نادرا ما اسمعها وربما لا ابالغ اذا قلت انى لم اسمعها قبلا – مثل : والمسيح – والعدرا – مجد سيدك – والانجيل – وغلاوة مارجرجس .... تلك الكلمات التى اعتادت السينما المصرية على استخدامها لفرز أبطالها .. وعندما يظهر المسيحى والمسلم سويا فى الافلام يجب ان يخرج علينا كلاهما يتبادلا الأحضان والقبلات وللتأكيد على شعار الثورة :" مسلم ومسيحى ايد واحدة "..

 ‍فى الحقيقة ان كل تأكيد على الوحدة الوطنية هو مولتوفا يُطلق لاشعال فتيلا خامدا لنار الفتنة ...
هذه الصورة تثير الفتنة الطائفية


فأنت عندما تنشر كاريكاتيرا لهلال وصليب يعانقان بعض .. او شيخ وقسيس يتبادلان القبلات والأحضان .. وعندما تكرس للوحدة الوطنية باستمرار – انت تخطئ ذات الخطأ الذى يتكرر وهو الفرز فأنت تعالج جرحا بدواء خاطئ قد يقتل المصاب ، باختصار أنت تزرع دون وعى عكس ما تريد وكما يقول المثل : جه كحلها عماها !

فأنت عندما تتكلم على الوحدة فسريعا ما سيسترجع الذهن المواقف التى استدعت (السبب فى الحديث عن الوحدة) ، واستمرار التحدث على ان المسيحى دا اخويا او المسلم دا حبيبى .. فأنت تزرع فرزا عنصريا فى المجتمع يجعل الآخر يتأكد بان هذا المجتمع به نوعان (المسلم والمسيحى) وأن هناك اسبابا دفينة جعلتك تطالبنى ان اعامل المسلم بأخى وأن المسيحى هو حبيبى – فكأنك تقول بصيغة غير مباشرة انه من المفترض انه عدوى وتدعونى لكى أحبه وان يصير أخى وحبيبى وهذا هو جزء من تانك البنزين الذى يمتلئ دون ادراك  !! -  وعندما تحدث مشكلة بين اى طرفين ستجد كل نوع او فصيل يتكاتف مع بعضه او مع اخيه بالفطرة (التى لم تدعونى اليها ) للاتحاد ضد الآخر الذى تحاول ان تقنعنى انه (اخى) واذا رجعت للسبب تجد انك شاركت فى زراعة الاختلاف الذى انت تريد الغاؤه !


فالعقل لا يقرأ الأمور مباشرة بل ما يحتويه من ذكريات ومبادئ تترجم ما يستقبله ولا يعمل طبقا لقانون نيوتن الثالث !

فكل زرع تزرعه لتأكيد الوحدة الوطنية هو بذرة للفتنة الطائفية ، لان هذا الآخر ينبغى ان تعامله كانسان صادفك القدر ان تصير بجواره وهذه فطرة في الانسان ان يتعامل مع المجتمع كله ، ولكن حين تعطي للعقل مسميات غريبة (احنا اخوات - ايد واحدة ) سريعا ما تشعل فيه من ذكريات الاختلاف .. فاذا أمرت وقلت لك "لا تفكر فى الشيكولاتة .. من فضلك لا تفكر فى الشيكولاتة " فأول شئ يتبادر الى ذهنك الآن هو الشيكولاتة لأن عقلك الباطن يحبها ..
وحين تحاول اخبار العقل باننا اخوات (فسيحاول ان يعرف لماذا تامرنا اننا يجب ان نكون اخوات .. (صناعة الفرز ) ويسترجع العقل الباطن كل الاختلافات الطائفية ..
العقل لا يلتقط الرسالة مباشرة بل كما شرحنا فى المدونتين السابقتين ( الجزء الأول و الجزء الثانى ) أن كل المستقبلات الى العقل لابد ان يعيقها المرشح  ..، ولأن المرشح مشوب باحتقانات فكل ذكرى لمسيحى و مسلم سويا ستكون معكرة حتى ان كانت الذكرى هى "ايد واحدة " هى زرع لحصاد جديد (الفرز المجتمعى)..
أتذكر قديما عندما شاهدت فيلم " ام العروسة " ودور "مرقس أفندى .. لم يظهر بكونه مسيحى ، ولم يحاول المخرج والمصور ان يركزوا على علاقة مرقس (المسيحى ) بجاره (المسلم) ..،فقد ظهر فى أحداث الفيلم كأى ممثل عادى وليس للتدقيق على هويته ان كان مسيحيا او مسلما .. ولأن قديما كانت معظم الاسماء مشتركة فكانت الأفلام لا تعرف تلك العنصرية الملحوظة ولا تهتم ولا تسأل من المسيحى ومن المسلم .. وكان حال المجتمع عكس ما يرثى له الآن ..
فينبغى على الاعلام ان يدرك ان كل المدخلات التى تكرس لكلمة مسيحى ومسلم هى بذرة لحصاد مقبل لمآساة طائفية أخرى
علاج التطرف بالوحدة وعلاج الوحدة بالوحدة وليست بالفرقة والفرز .. حتى ان كان الفرز على حساب انهم "ايد واحدة" فليظهرهم الاعلام فى كل شئون حياتنا كاى بشر عاديين دون ان يلفت نظرى ان هذا (مسلم وهذا مسيحى .. لا وخد بالك كمان .. "دول ايد واحدة .. " !! )

ملحوظة .. هذه التدوينة تثير الفتنة الطائفية ولكنها ايضا تثير اليقظة الوطنية :)

أندرو أشرف
13-8-2011
----------------------------------------------------------------------
(*) دق الصليب هى عادة كانت منتشرة بالأكثر عند أهل الصعيد والآن زادت و أصبحت شائعة ومنتشرة فى مصر كلها وهناك البعض من يرسمون صور القديسين  المسيحيين على اجسامهم كالوشم.


لمتابعة مدونة قلم رصاص على الفيس بوك اضغط هنا

الاثنين، ٨ أغسطس ٢٠١١

الانسان و داء نيوتن - الجزء الثانى



الانسان و داء نيوتن

الجزء الثانى


لمشاهدة الجزء الأول من المدونة اضغط هنا :

ذكرنا فى الجزء الأول من المدونة أن عقل الانسان عبارة عن غرفة كبيرة فيها من الذكريات والعواطف الكفيلة بالتفاعل مع مجريات الأمور المدخلة اليه و تفسيرها تفسيرا يختلف اختلافا جزريا من شخص لآخر، وشبهنا هذا العقل بجهاز الكمبيوتر له ثلاث محاور لمعالجة الأمور
                                                                            Input – processing – Output

ولكن تختلف عملية المعالجة فى الانسان طبقا لحالته النفسية وطبقا لما موجود مسبقا فى العقل يجعله يحكم التفسيرات دائما بما يتناسب مع المعلومات المدخلة فيه ,,,
وقد ذكرنا مثال الموبايل المغلق والصديقين ويمكن أن نذكر ايضا مثال سريع من واقع الحياة وهو العلاقة بين الداخلية والشعب ولماذا دائما اذا حدث اى احتكاك بين أحد المدنيين وأى ضابط شرطة نلقى بالتهمة تلقائيا على ضابط الشرطة الذى ربما كان يقوم بواجبه ويتعامل مع مجرم خطير- بعض النظر عن ملابسات الامور -  ولكن العقلية البشرية المصرية قد امتلأت بكثير من تجاوزات الشرطة ومن انتهاكها حقوق الانسان الأمر الذى جعل اى مدخلات من تلك الأحداث (قصة الاحتكاك) تثير تلك المعلومات المؤكدة او المبدأ المحفور ( الشرطة تنتهك حرية الانسان ) فيكون رد الفعل التلقائى أن الشرطة هى المخطئة ..

يتكون العقل البشرى من شقين يتصرف بهما الانسان ( الوعى واللاوعى ) ، الوعى هو أن يتصرف الانسان تصرفا واعيا بكل قواه العقلية .. انا عطشان .. انا سأفتح الثلاجة .. أبحث عن ماء .. أنا لا ألمس الكهرباء حتى لا اصيب بصعقة .. أثناء الأمتحان أحاول أن أتذكر المعلومة فى أى صفحة .. فى أى سطر .. أكتبها .. كل هذه تصرفات واعية يفعلها الانسان بكامل قواه العقلية ..
اللاوعى هو الشق الآخر المسئول عن معظم تصرفات الانسان !! مهلا.. هل تعنى ان الانسان فى معظم سلوكه يتصرف بالشق اللاوعى .. سأجيبك نعم .. وهذه هى المفجأة .
اللاوعى هو البرنامج المحرك للانسان والمسئول عن الرد الفعل البشرى الناتج الى سلوك .. اذا عندما يصلح الانسان سلوكه وتصرفاته عليه ان يغير هذا الشق وهو شق اللاوعى (البرنامج) المحرك الانسان .. اذا اصيب هذا البرنامج بفيرس فلن يستطع ان يتصرف الانسان تصرفا حسنا ونتساءل لماذا فعل هذا السلوك غريب الأطوار .. ولكن كيف سنغير شيئا لا نعيه ..؟!
لقد ذكرت برنامجا يحرك .. حسنا اذا من يبرمج هذه البرنامج .. المبرمج هو الاحداث المحيطة وتأثيرها .. ومن اهم المبرمجين فى عقل الانسان هو ( الوعى ) ،  ببساطة الوعى يبرمج اللاوعى واللاوعى هو المحرك لسلوك ودوافع الانسان اذا لكى نغير سلوكا معينا علينا ان نتصرف بوعى كثيرا حتى يتبرمج اللاوعى ويحرك الانسان ويدفعه دون انزعاج ، فأول سيجارة يشربها الانسان بوعى .. ثم بعدها يدخن السجائر بلا وعى اثناء القراءة واثناء القيادة – او ما يسمى بــ (التعود ) - ولكن يسألنى سائل هذا كلام معروف وكثيرا احاول ان اتعود على شئ وأفشل ، هذا ببساطة لأن زراعة البرنامج فى اللاوعى يحتاج الى بعض المشاعر ، فاللاوعى برنامج صعب ومعقد ولاختراقه وفك طلاسمه لابد من سريان المشاعر فيه كى تزرعه (فرح – سعادة – غضب – كره – حب – حماسة - متعة ....) كل هذه عوامل تساعد على برمجة اللاوعى .. وسنوضح بأمثلة :
عندما يسخر الانسان من شخص بأى سخرية مثلا : بـ (يا غبى ) (مدخلات)
 وتتكر هذه السخرية فسيتأثر هذا الشخص بها ويحزن (مشاعر) بسببها  حتى تنزرع فى عقله الباطن ويصدقها ويتصرف من خلالها (نتيجة) فتجده منطو على نفسه غير متحمس لدراسته لايمانه الكامل انه غبى .. ففى هذا المثال رأينا احداث زرعت فى عقل مختلطة بمشاعر تؤدى الى نتيجة ..

اكل أحدهم رغيف كبدة من عند أحد العربات الجائلة وأخذ يستمتع بمذاقها الشهى الذى يسمن من جوع وبعد عدة ايام اصابه تسمم حاد فى معدته الزمه الفراش لعدة اسابيع عندها خرج يكره الكبدة ولم يضع فى فمه اى منها وحلف انه لن يذوقها حتى ان وصلت رائحتها أخر الطريق .. فمازال ذكرى الفراش لا تفارقه ... ماذا حدث!!
ذلك الشخص كان دائما يربط الكبدة بالسعادة ومتعة الطعم والشهية .. وعندما اصابه المرض صارت ذكرى الكبدة مرتبط بآلام المرض والفراش اى ان العقل دائما يتصرف طبقا لما هو مرتبط به فى ذهنك من مشاعر ..فالمتطرف يقتل المختلف عنه لان المختلف مرتبط فى ذهنه بالعدواة والضغينة والقتل مرتبط فى ذهنه بالجهاد .. فان كان هناك شيئا مرتبطا فى ذهنك بالمتعة وبالصفات الايجابية لن تستطع ان تقلع عن اى عادة مهما حاولت و لذلك عليك ان تصحح المفاهيم مع عاداتك السلبية وتربطها دائما بالتعاسة والألم عند الاستمرار فيها و بالسعادة وبهيئتك المشرقة عندما تقلع عنها وتركز على ذلك حتى تحب هيئتك الجديدة وتكره شكلك القديم ..
فعندما تسأل مدخنا يود الاقلاع عن السيجارة يقول لك : " السيجارة مبهدلانى والله بس مش بقدر استغنى عنها ، بتريح لى اعصابى ولو بطلتها بتعصب وتنكد على اليوم كله " .. كل هذا المدح فى السيجارة لن يستطع ابدا ان يقلع عنها ويتركها لانه دائم النظر الى ايجابياتها (التى يتوهمها ) ولا يركز ابدا فى سلبياتها و اضرارها .. كل هذا خارج قاموس اللاوعى واللاوعى يتصرف – كما ذكرنا – طبقا للبرنامج الموضوع فيه ..
بالمثل يمكنك ان تكرر هذا التطبيق على من يريد ان ينقص وزنه وهو دائم الحديث على متعة الطعام ومتعة هذه الوجبة – و أيضا من يود الاقلاع عن العادة السرية وهو دائم الربط بها بالمتعة التى تسببها له ..

العقل يتصرف طبقا لبرنامج..

من هنا سألخص ما ذكر فى عدة نقاط .

1 – السلوك نابع من برنامج تبرمجه الاحداث والذكريات القديمة وينقاد الانسانة طبقا لما فى اللاوعى (العقل الباطن)
2 – يتبرمج البرنامج من خلال الظروف المحيطة عن طريق التكرار خاصة ولابد ان يرتبط هذا التكرار بمشاعر كمثال :
مشاعر الارتياح عند شرب السيجارة (برمجة خاطئة ) – مشاعر المتعة عند ممارسة العادة السرية ...إلخ
4 - ويتصرف الانسان طبقا للمشاعر المصطحبة لذلك السلوك ..
3 – الانسان يمكن ان يبرمج عقله الباطن بأن يتخيل باستمرار هيئته فى حالته الجديدة ( كيف سيكون نشيطا ويستطع ان يجرى ويلعب الكرة اذا اقلع عن السجائر – كيف ستكون حركته اذا ما استطاع تقليل تلك الوجبة – ويطلق خياله العنان فى التفكير فى ايجابيات العادة وربما يكتبها باستمرار .. "أنا نحيف " .. "أنا أكره السجائر " ويقرأها باستمرار حتى تزرع فى عقله الباطن – تحذير : دائما اكتب هذه الجمل التشجيعية بصيغة الحاضر ولا تكتبها بصيغة المستقبل لأن العقل الباطن يترجمها ان هذا رجاء وحلم وليس حقيقة .. مثلا "أنا نحيف " وليس "أنا سأكون نحيفا " وليس " أتمنى ان اكون نحيفا" لأن العقل الباطن يفهم من ذلك بأنك فعلا سمين و كأنك تقول "أنا سمين " ومن ثم يترجمها العقل الباطن كما يصدقها .. بانك سمين
4 – يمكن لكل واحد منا ان يراجع سلوكه وردود فعله ويحلله لماذا فكر بهذه الطريقة  وما هو البرنامج المخزن فى فكره ناحية هذا الشخص الفولانى او هذه الطائفة الفولانية ؟؟ وهل توجد احتمالات أخرى ليست فى مخيلته ويستمر فى سؤال الــ"لماذا" حتى يعرف ما وراء هذا التفكير ويستطع ان يحلل الأمور بموضوعية ..

اعزائى القراء كان لابد من بناء هذه القاعدة السيكولوجية  وتأكيدها كى نستطع تحليل ما يحدث حولنا من افعال وردود افعال .. ويكون الموضوع واضحا .. ومن ثم يتبق لنا جزئين من هذه التدوينة ..

1 – الفتنة الطائفية وقانون نيوتن.
2 – قانون نيوتن والتحرش الجنسى.

فى حالة وجود اسئلة برجاء التعليق اسفل المدونة,,

أندرو أشرف

 8-11-2011

لمتابعة مدونة قلم رصاص على الفيس بوك اضغط هنا 


الأحد، ٧ أغسطس ٢٠١١

الانسان وداء نيوتن

الانسان وداء نيوتن

الجزء الأول

هذا الموضوع علمى ويتحاور مع ذاتك الانسانية وعقلك البشرى ..

"لكل فعل رد فعل مساو له فى المقدار ومضاد له فى الاتجاه " هكذا عرض علينا نيوتن قانونه الثالث ضمن حزمة ثلاثة قوانين صاروا من اهم القوانين الميكانيكية للتعبير عن حركة الأشياء على ذلك الكوكب ، ولكن احيانا يسئ الناس استخدام القوانين الثلاثة ويطبقونها علينا نحن البشر فالقانون الاول والثانى يعبران عن دوام حركة الشئ طالما لم تؤثر عليه قوى خارجية ، فهذا قانون صحيح 100 % بالنسبة للاشياء ولكن تنعدم صحة تلك القوانين الفيزيائية على البشر لأن الحركة لا تنبع من قوى خارجية كسرعة ابتدائية او ازاحة ابتدائية (*) – كما فى الأشياء – ولكن الحركة فى البشر تخضع خضوعا تاما للعقل ، العقل يأمر الأعضاء بالتحرك الى هذا المكان او الى هذا المكان بسرعة او ببطء نتيجة لما يفكر فيه فيما يريد ان ينفذه.. فالعقل هو المدبر الوحيد للحركة ..
كذلك الحال على قانون نيوتن الثالث فليس كل فعل له ذات ردة الفعل على البشر ويخطئ من يظن اننا كلنا لنا ذات ردة الفعل مثلما يقول احدهم "انا ربيت ولادى الاتنين زى بعض بنفس الطريقة وواحد طلع صايع و قليل الأدب والتانى طالع محترم .. ايه ذنبى أنا؟؟" لأ – لديك ذنب كبير هذا لان التركيبات العقلية للبشر والمستقبلات الحسية تختلف من شخص لآخر ، فكل شخص له التركيبة العقلية والشخصية التى يصلح معها طريقة افعال تختلف مع بعضها تماما – باختصار – عقليات البشر مثل الفيروسات كل واحد منه له طريقة دواء وطريقة علاج وطريقة تربية معينة ويخطئ من يأخذ باحدى الطرق كنموذج مثال يصلح للتريية والحوار مع كل الأشخاص لأن هذه حكمة الله ان البشر ليست ماكينات (Rubbish in – Rubbish out)  ولكن المدخلات - عند الانسان -  لا تفترض ان تخرج ذات المخرجات ولا يفترض انها تكون مضادة فى الاتجاه ايضا وسوف نوضح ذلك بالأمثلة ..
.كما ذكرنا ان سلوكيات الانسان تنبع من العقل والعقل هو خزينة المبادئ والدوافع والاهواء والذكريات القديمة والدين والطموح والافكار المرسومة تجاه الأشياء او الأشخاص التى يتصرف الانسان عندما تثير احدى الحوادث الخارجية ذلك الصندوق 
اى ان المدخلات الخارجية (الأحداث) تدخل الى العقل فتخضع تلك الأحداث لعملية معالجة (Processing ) تختلف جزريا من شخص لآخر ..
ولنوضح بالأمثلة :
تسمع واحدا فى الشارع يشتم صديق .. (تعالى يا بن ال.....) أو ( روح ياد يا ......) وتجد صديقه يضحك ويقهقه فلما هذا ..
Actions >>>Processing>>>Reactions

فالعبرة بما حدث فى المرحلة الوسطى (المعالجة ) :

ما حدث ان الشخص عندما سمع الشتيمة ذكرت له المستقبلات الحسية ان هذا فولان بيحب يضحك ويسخر بهذه الطريقة فهو لا يقصد الاهانة ولكن هذه هى طريقته فى الهزار ..

فكان رد الفعل .. Reaction : هو القهقه والضحك وكانت اجابته (حاضر يا بن ال.....)
مثال آخر ..
كنت فى مناقشة مع أحد أساتذة الجامعة ونسيت ان أغلق هاتفى و قام بعض الأصدقاء بالاتصال بى وكان رد فعلى ثابت هى اننى أغلقت الهاتف فى وجه كل من يتحدث الى دون النظر الى رقم التليفون .. ففوجئت بتلك ردود الأفعال :
-         انت بتتنك علينا يعنى .. مش كفاية ان احنا مستنينك ..
-         اكيد كنت مشغول .. كنت فين؟؟
-         انا مش هكلمك تانى عشان انت محترمتنيش وقفلت السكة فى وشى !
تلك ردود الأفعال المختلفة خرجت ليست نتيجة للفعل (الاتصال بى ) ولكن نتيجة لاثارة هذا الفعل لمكنونات داخلية(**) جعله يظن تلك الظنون ..
فالأول عندما قال : "انت بتتنك علينا ... " له مبدأ فى داخله انه اذا تجاهلك احد (دون اى سبب ) فهذا استعلاء واستكبار منه عليك وهذا يشعرك بالدونية فلابد ان تأخذ موقفا وترد عليه .. وأن انتظار شخص ما هو احتراما له (مبدأ موجود عنده )
وبالنسبة للثانى : "اخذ يفكر ما عسى ان يكون السبب فى غلق التليفون فى وجهه .. حتى خرجت من مكنوناته الداخلية اننا اصدقاء وان اكيد هذا حدث بدون قصد فقال هذا الكلام "-         اكيد كنت مشغول .. كنت فين؟؟ "
والثالث : يشبه الأول الى حد كبير ولديه ابضا مبدأ أن غلق التليفون فى وجهه هوعدم احترام واهانه فتصرف باحد ردود الأفعال التى يفعلها مع كل من يهينه وهى المقاطعة التامة ..
من ذلك المثال يتضح ان سلوك الانسان نابعا من عقل الانسان الداخلى وليس من الأحداث التى تحدث خارجا ..
هذا العلم يعرف باسم الذكاء الشعورى اوEmotional intelligence ***  وهو علم حديث يهدف ان يكون الأنسان قادرا على تمييز مشاعره ومعرفة هل هذه المشاعر حقيقية ام هى من نتاج حالة نفسية معينة او ذكرى معينى او نتاج بعض الثوابت والمبادئ الخاطئة المزروعة فى ذهنه وكيف يتحكم الانسان فى مشاعره وكيفية تفسيرها وكيف يستطيع ان يسلك الرد الفعل المناسب للاحداث ومن ثم كيف يستطيع ان يسلك بالأفعال المناسبة للأشخاص حتى لا يسوء فهمه كما شرحنا فى المثال السابق ..
الجزء الثانى من المدونة سنتحدث عن كيفية تكوين تلك الأفكار وكيف تتكون تلك الخزينة العقلية المسئولة عن ردود الفعل فى الانسان ..
لقد ارسل لنا نيوتن قانونا فيزيائيا صار داءً يتحجج به البشر فى تعاملاتهم الانسانية .. فالعبرة يا صديقى بما يحتويه عقلك من غرف تخرج ردود الفعل وليس المدخلات ..
تابعو المدونة وسنتكلم ايضا بالادلة العلمية فى ثلاثة مواضيع هامة طبقا لما شرحناه مسبقا :

1 – الفتنة الطائفية وقانون نيوتن.
3 – قانون نيوتن والتحرش الجنسى.

كما سنحلل ردود فعل الكثير من التصريحات مثل عمرو مصطفى فى ضوء تلك النظرية


امتابعة الجزء الثانى اضغط هنا

اذا كان لديكم اسئلة بخصوص ذلك الموضوع برجاء الكتابة تحت فى التعليقات او يمكن سؤالى على تويتر ..                          


أندرو أشرف
7/8/2011
---------------------------------------------------------------------------------
*الازاحة البتدائية : اى ان نعطى الجسم مكانا غير الموجود فيه مثل وضع بندول الساعة فى اقصى اليمين او اليسار وتركه فيستمر هو فى الحركة يمينا ويسارا لوجود تلك الازاحة
السرعة الابتدائية : ان نعطى للجسم سرعة ابتدائية معينة فيستمر الجسم فى الحركة دون توقف

** المكنونات الداخلية : (احيانا تعرف علميا بالأزرار الساخنة Hot Buttons ) ويقصد بها المفاتيح التى تثيرها الاحداث الخارجية فى عقل الانسان والتى تخرج لنا برد فعل  معين من هذه المفاتيح (المبادئ - الدوافع - المعتقدات - ذكريات قديمة - صورة ذهنية معينة - .....إلخ)

*** The first use of the term "emotional intelligence" is usually attributed to Wayne Payne's doctoral thesis, A Study of Emotion: Developing Emotional Intelligence from 1985 However, prior to this, the term "emotional intelligence" had appeared in Leuner (1966).Greenspan(1989) also put forward an EI model, followed by Salovey and Mayer (1990), and Daniel Goleman (1995). The distinction between trait emotional intelligence and ability emotional intelligence was introduced in 2000. (From wikipedia)