الاثنين، ٨ أغسطس ٢٠١١

الانسان و داء نيوتن - الجزء الثانى



الانسان و داء نيوتن

الجزء الثانى


لمشاهدة الجزء الأول من المدونة اضغط هنا :

ذكرنا فى الجزء الأول من المدونة أن عقل الانسان عبارة عن غرفة كبيرة فيها من الذكريات والعواطف الكفيلة بالتفاعل مع مجريات الأمور المدخلة اليه و تفسيرها تفسيرا يختلف اختلافا جزريا من شخص لآخر، وشبهنا هذا العقل بجهاز الكمبيوتر له ثلاث محاور لمعالجة الأمور
                                                                            Input – processing – Output

ولكن تختلف عملية المعالجة فى الانسان طبقا لحالته النفسية وطبقا لما موجود مسبقا فى العقل يجعله يحكم التفسيرات دائما بما يتناسب مع المعلومات المدخلة فيه ,,,
وقد ذكرنا مثال الموبايل المغلق والصديقين ويمكن أن نذكر ايضا مثال سريع من واقع الحياة وهو العلاقة بين الداخلية والشعب ولماذا دائما اذا حدث اى احتكاك بين أحد المدنيين وأى ضابط شرطة نلقى بالتهمة تلقائيا على ضابط الشرطة الذى ربما كان يقوم بواجبه ويتعامل مع مجرم خطير- بعض النظر عن ملابسات الامور -  ولكن العقلية البشرية المصرية قد امتلأت بكثير من تجاوزات الشرطة ومن انتهاكها حقوق الانسان الأمر الذى جعل اى مدخلات من تلك الأحداث (قصة الاحتكاك) تثير تلك المعلومات المؤكدة او المبدأ المحفور ( الشرطة تنتهك حرية الانسان ) فيكون رد الفعل التلقائى أن الشرطة هى المخطئة ..

يتكون العقل البشرى من شقين يتصرف بهما الانسان ( الوعى واللاوعى ) ، الوعى هو أن يتصرف الانسان تصرفا واعيا بكل قواه العقلية .. انا عطشان .. انا سأفتح الثلاجة .. أبحث عن ماء .. أنا لا ألمس الكهرباء حتى لا اصيب بصعقة .. أثناء الأمتحان أحاول أن أتذكر المعلومة فى أى صفحة .. فى أى سطر .. أكتبها .. كل هذه تصرفات واعية يفعلها الانسان بكامل قواه العقلية ..
اللاوعى هو الشق الآخر المسئول عن معظم تصرفات الانسان !! مهلا.. هل تعنى ان الانسان فى معظم سلوكه يتصرف بالشق اللاوعى .. سأجيبك نعم .. وهذه هى المفجأة .
اللاوعى هو البرنامج المحرك للانسان والمسئول عن الرد الفعل البشرى الناتج الى سلوك .. اذا عندما يصلح الانسان سلوكه وتصرفاته عليه ان يغير هذا الشق وهو شق اللاوعى (البرنامج) المحرك الانسان .. اذا اصيب هذا البرنامج بفيرس فلن يستطع ان يتصرف الانسان تصرفا حسنا ونتساءل لماذا فعل هذا السلوك غريب الأطوار .. ولكن كيف سنغير شيئا لا نعيه ..؟!
لقد ذكرت برنامجا يحرك .. حسنا اذا من يبرمج هذه البرنامج .. المبرمج هو الاحداث المحيطة وتأثيرها .. ومن اهم المبرمجين فى عقل الانسان هو ( الوعى ) ،  ببساطة الوعى يبرمج اللاوعى واللاوعى هو المحرك لسلوك ودوافع الانسان اذا لكى نغير سلوكا معينا علينا ان نتصرف بوعى كثيرا حتى يتبرمج اللاوعى ويحرك الانسان ويدفعه دون انزعاج ، فأول سيجارة يشربها الانسان بوعى .. ثم بعدها يدخن السجائر بلا وعى اثناء القراءة واثناء القيادة – او ما يسمى بــ (التعود ) - ولكن يسألنى سائل هذا كلام معروف وكثيرا احاول ان اتعود على شئ وأفشل ، هذا ببساطة لأن زراعة البرنامج فى اللاوعى يحتاج الى بعض المشاعر ، فاللاوعى برنامج صعب ومعقد ولاختراقه وفك طلاسمه لابد من سريان المشاعر فيه كى تزرعه (فرح – سعادة – غضب – كره – حب – حماسة - متعة ....) كل هذه عوامل تساعد على برمجة اللاوعى .. وسنوضح بأمثلة :
عندما يسخر الانسان من شخص بأى سخرية مثلا : بـ (يا غبى ) (مدخلات)
 وتتكر هذه السخرية فسيتأثر هذا الشخص بها ويحزن (مشاعر) بسببها  حتى تنزرع فى عقله الباطن ويصدقها ويتصرف من خلالها (نتيجة) فتجده منطو على نفسه غير متحمس لدراسته لايمانه الكامل انه غبى .. ففى هذا المثال رأينا احداث زرعت فى عقل مختلطة بمشاعر تؤدى الى نتيجة ..

اكل أحدهم رغيف كبدة من عند أحد العربات الجائلة وأخذ يستمتع بمذاقها الشهى الذى يسمن من جوع وبعد عدة ايام اصابه تسمم حاد فى معدته الزمه الفراش لعدة اسابيع عندها خرج يكره الكبدة ولم يضع فى فمه اى منها وحلف انه لن يذوقها حتى ان وصلت رائحتها أخر الطريق .. فمازال ذكرى الفراش لا تفارقه ... ماذا حدث!!
ذلك الشخص كان دائما يربط الكبدة بالسعادة ومتعة الطعم والشهية .. وعندما اصابه المرض صارت ذكرى الكبدة مرتبط بآلام المرض والفراش اى ان العقل دائما يتصرف طبقا لما هو مرتبط به فى ذهنك من مشاعر ..فالمتطرف يقتل المختلف عنه لان المختلف مرتبط فى ذهنه بالعدواة والضغينة والقتل مرتبط فى ذهنه بالجهاد .. فان كان هناك شيئا مرتبطا فى ذهنك بالمتعة وبالصفات الايجابية لن تستطع ان تقلع عن اى عادة مهما حاولت و لذلك عليك ان تصحح المفاهيم مع عاداتك السلبية وتربطها دائما بالتعاسة والألم عند الاستمرار فيها و بالسعادة وبهيئتك المشرقة عندما تقلع عنها وتركز على ذلك حتى تحب هيئتك الجديدة وتكره شكلك القديم ..
فعندما تسأل مدخنا يود الاقلاع عن السيجارة يقول لك : " السيجارة مبهدلانى والله بس مش بقدر استغنى عنها ، بتريح لى اعصابى ولو بطلتها بتعصب وتنكد على اليوم كله " .. كل هذا المدح فى السيجارة لن يستطع ابدا ان يقلع عنها ويتركها لانه دائم النظر الى ايجابياتها (التى يتوهمها ) ولا يركز ابدا فى سلبياتها و اضرارها .. كل هذا خارج قاموس اللاوعى واللاوعى يتصرف – كما ذكرنا – طبقا للبرنامج الموضوع فيه ..
بالمثل يمكنك ان تكرر هذا التطبيق على من يريد ان ينقص وزنه وهو دائم الحديث على متعة الطعام ومتعة هذه الوجبة – و أيضا من يود الاقلاع عن العادة السرية وهو دائم الربط بها بالمتعة التى تسببها له ..

العقل يتصرف طبقا لبرنامج..

من هنا سألخص ما ذكر فى عدة نقاط .

1 – السلوك نابع من برنامج تبرمجه الاحداث والذكريات القديمة وينقاد الانسانة طبقا لما فى اللاوعى (العقل الباطن)
2 – يتبرمج البرنامج من خلال الظروف المحيطة عن طريق التكرار خاصة ولابد ان يرتبط هذا التكرار بمشاعر كمثال :
مشاعر الارتياح عند شرب السيجارة (برمجة خاطئة ) – مشاعر المتعة عند ممارسة العادة السرية ...إلخ
4 - ويتصرف الانسان طبقا للمشاعر المصطحبة لذلك السلوك ..
3 – الانسان يمكن ان يبرمج عقله الباطن بأن يتخيل باستمرار هيئته فى حالته الجديدة ( كيف سيكون نشيطا ويستطع ان يجرى ويلعب الكرة اذا اقلع عن السجائر – كيف ستكون حركته اذا ما استطاع تقليل تلك الوجبة – ويطلق خياله العنان فى التفكير فى ايجابيات العادة وربما يكتبها باستمرار .. "أنا نحيف " .. "أنا أكره السجائر " ويقرأها باستمرار حتى تزرع فى عقله الباطن – تحذير : دائما اكتب هذه الجمل التشجيعية بصيغة الحاضر ولا تكتبها بصيغة المستقبل لأن العقل الباطن يترجمها ان هذا رجاء وحلم وليس حقيقة .. مثلا "أنا نحيف " وليس "أنا سأكون نحيفا " وليس " أتمنى ان اكون نحيفا" لأن العقل الباطن يفهم من ذلك بأنك فعلا سمين و كأنك تقول "أنا سمين " ومن ثم يترجمها العقل الباطن كما يصدقها .. بانك سمين
4 – يمكن لكل واحد منا ان يراجع سلوكه وردود فعله ويحلله لماذا فكر بهذه الطريقة  وما هو البرنامج المخزن فى فكره ناحية هذا الشخص الفولانى او هذه الطائفة الفولانية ؟؟ وهل توجد احتمالات أخرى ليست فى مخيلته ويستمر فى سؤال الــ"لماذا" حتى يعرف ما وراء هذا التفكير ويستطع ان يحلل الأمور بموضوعية ..

اعزائى القراء كان لابد من بناء هذه القاعدة السيكولوجية  وتأكيدها كى نستطع تحليل ما يحدث حولنا من افعال وردود افعال .. ويكون الموضوع واضحا .. ومن ثم يتبق لنا جزئين من هذه التدوينة ..

1 – الفتنة الطائفية وقانون نيوتن.
2 – قانون نيوتن والتحرش الجنسى.

فى حالة وجود اسئلة برجاء التعليق اسفل المدونة,,

أندرو أشرف

 8-11-2011

لمتابعة مدونة قلم رصاص على الفيس بوك اضغط هنا 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق